للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الصواب: اعتبارها من وقت ظهور التصرية، ولم يتعرض "التنبيه" و"الحاوي" للتصريح بكونه على الفور إلا أن يجعل قول "التنبيه" بعد ذكر خيار العيب [ص ٩٤]: (فإن أخر الرد من غير عذر .. سقط حقه من الرد)، و"الحاوي" [ص ٢٧٤]: (حال العلم) يعود لخيار التصرية أيضًا.

وفي المسألة وجه ثالث: أنه إن علم به قبل الثلاث .. امتد ثلاثًا، وإن علم به بعدها .. كان على الفور، حكاه في "المهمات" عن الجوري والفوراني وغيرهما.

١٨٥٣ - قول "المنهاج" [ص ٢٢٣]: (فإن رَدَّ بعد تلف اللبن .. رد معها صاع تمر) تبع فيه "المحرر" (١)، ولا يتقيد ذلك بتلف اللبن، بل له رد الصاع مع بقائه؛ ولذلك لم يقيد "التنبيه" بالتلف فقال [ص ٩٤]: (ويرد معها صاعًا من تمر بدل اللبن) وقيد "الحاوي" بتلف اللبن أو بعدم تراضيهما على رده (٢)، وهي عبارة حسنة؛ فإنهما لو تراضيا على رده .. جاز ذلك من غير صاع تمر، وكذا لو تراضيا على غيره من قوت أو غيره، وقد يرد ذلك على اقتصار "التنبيه" على ذكر صاع تمر، وليس للبائع إجباره على رد اللبن؛ لحدوثه على ملكه، ولا للمشتري رده على البائع قهرًا في الأصح؛ لذهاب طراوته، وحينئذ .. فلابد من صاع تمر، فلو قال "المنهاج": (بعد الحلب) كما في "الروضة" (٣) .. لاستقام؛ فإنه إذا رد قبله .. لا شيء عليه.

وذكر بعضهم: أن كلامهم يفهم أن الواجب صاع مطلقًا وإن تعددت المصراة، قال السبكي: ولم أقف لأصحابنا على نقل فيما إذا تعددت، لكن نقل ابن قدامة الحنبلي عن الشافعي تعدد الصاع بتعدد المصراة. انتهى (٤).

وفي إفهام كلامهم ذلك نظر، بل الذى يقتضيه كلامهم أن الواجب في كل مصراة: صاع، كما هو المحكي عن الشافعي (٥)، والله أعلم.

وإطلاقهم صاعَ تمرٍ قد يفهم تخيير المُخْرَج في ذلك، مع أنه يتعين أن يكون من وسط تمر البلد.

١٨٥٤ - قول "المنهاج" [ص ٢٢٣]: (وقيل: يكفي صاع قوتٍ) يفهم التخيير بين الأقوات، وهو وجه، والأصح - تفريعًا على هذا الوجه -: أنه يتعين غالب قوت البلد، وفي "الكفاية":


(١) المحرر (ص ١٤٧).
(٢) الحاوي (ص ٢٧٢، ٢٧٣).
(٣) الروضة (٣/ ٤٦٧).
(٤) انظر "الإقناع" للشربيني (٢/ ٢٨٨)، و "مغني المحتاج" (٢/ ٦٤).
(٥) انظر "الأم" (٧/ ١٠٠، ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>