للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عود الأهلية، وحمل ابن الرفعة كلام "التنبيه" على المجنون الذي جُن في صباه، أو بعد بلوغه وقبل إيناس الرشد، وقد قال بعد ذلك: (وإيناس الرشد: أن يبلغ مصلحًا لدينه وماله) (١)، ولم يذكر الإفاقة.

ورده السبكي: بأن الباقي فيما إذا لم يؤنس منه الرشد حجر السفه لا حجر الجنون.

ثانيهما: أن ما ذكره في الصبي موافق لقول "المنهاج" [ص ٢٥٦]: (وحجر الصبي يرتفع ببلوغه رشيدًا)، لكن في "الحاوي" [ص ٣١٢]: (والطفل إلى البلوغ) ولم يذكر الرشد، قال الرافعي: وليس خلافًا محققًا، ومراد الأول: الإطلاق الكلي، والثاني: المخصوص بالصبي، وهذا أولي؛ لأن كلًا من الصِّبَا والتبذير سبب مستقلٌ. انتهى (٢).

وعلى هذا .. فالرشد غير محتاج إليه في ارتفاع حجر الصبي؛ فإن حجر الصبي يرتفع بالبلوغ مطلقًا، ويخلفه حجر السفه، وله أحكام تخصه، فهذا يرتفع بالرشد، قال السبكي: وللبحث مجال في أن حجر الصبي للسفه الذي هو مظنته فاتحدا وإن اختص الصبي بإلغاء أقواله جملة، وحكي في "التوشيح" عن والده: أنه أفتي في يتيم غائب علم وليّه أنه بلغ، ولم يعلم هل بلغ رشيدًا؟ بأنه لا يجوز له التصرف في ماله، ولا إخراج زكاته استصحابًا لحكم الحجر، واحتج بقول الأصحاب: إذا أجر الولي الصبي مدة يبلغ فيها بالسن .. لم يصح فيما زاد على البلوغ، قال: فهذا يدل على أنهم لا يكتفون في العقود بالأصل.

٢٢١٠ - قول "الحاوي" [ص ٣١٢]: (بخمس عشرة سنة) قد يوهم حصول البلوغ بالطعن فيها، وهو وجه، والأصح: اعتبار استكمالها، وصرح به "التنبيه" و"المنهاج" (٣)، وابتداؤها من خروج جميع الولد، وهي تحديد، كما ذكره النووي في "الأصول والضوابط"، فقال: الأصح: القطع به (٤).

٢٢١١ - قول "التنبيه" [ص ١٠٣]: (بالاحتلام) و"الحاوي" [ص ٣١٢]: (والحلم) أراد به: خروج المني في نوم أو جماع أو غيرهما، فلو عبرا بـ (خروج المني) كما في "المنهاج" (٥) .. لكان أوضح؛ ولذلك قال النووي في "تحرير التنبيه": (لو قال: بالإنزال .. لكان أصوب) (٦).


(١) التنبيه (ص ١٠٣).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٥/ ٦٨)، وفي حاشية (أ): أول كلام الر افعي: وقوله - أي: في "الوجيز": "وحجر الصبي ينقطع بالبلوغ مع الرشد"، هكذا يطلقه بعض الأصحاب، ومنهم من يقول: حجر الصبي ينقطع بمجرد البلوغ، وليس ذلك خلافًا محققًا).
(٣) التنبيه (ص ١٠٣)، المنهاج (ص ٢٥٦).
(٤) الأصول والضوابط (ص ٣٦).
(٥) المنهاج (ص ٢٥٦).
(٦) تحرير ألفاظ التنبيه (ص ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>