للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال السبكي: والوافي بالاختصار أن يقول: فإن قال: (وكلني المدعى عليه في الصلح وهو مقر)، أو قال: (هو مقرٌّ لك) .. صح، ولو صالح لنفسه في الحالة الأولى .. صح، ولو أسقط قوله: (لك)، فقال: (وهو مقر) .. صح، لكن فيه إسقاط المسألة الثانية؛ أعني: إقراره في الباطن، والإتيان بالأولى، وهو الإقرار ظاهرًا، ولو بقينا ما في " المنهاج " .. انعكس الحال، وسقط الشراء لنفسه من المسألة الأولى، وهي: الإقرار ظاهرًا، وذكره في الثانية، وهي: الإقرار باطنا، وليس ذلك في " المحرر " ولا في " الشرح " و " الروضة ". انتهى.

وقال شيخنا الإسنوي: كلامه يقتضي أنه لا فرق في الصحة بين أن يقر ظاهرًا أو باطنًا، وهو في الظاهر مسلم، وأما في الباطن: فلم يصرح الرافعي ولا " المصنف " بحكمه في شيء من كتبهما، حتى في " المحرر "، وصرح بها الإمام، واقتضى كلامه: أنه كشراء المغصوب، وهو واضح. انتهى (١).

ثم محل الصحة: ما إذا كان المُدَّعى عينًا، فإن كان دينًا .. فهو بيع الدين لغير من هو عليه، وقد تقدم في " المنهاج " أن الأظهر: بطلانه (٢)، وصحح في " الروضة " من زوائده: صحته، وقد تقدم (٣).

وقول " المنهاج " في هذه الصورة: (وكأنه اشتراه) قال شيخنا ابن النقيب: إنه أحسن من قوله في " الروضة ": (كما اشتراه) فإنه شراء حقيقة، فلا معنى للتشبيه (٤).

قلت: التشبيه موجود في العبارتين معًا، والمراد: كما لو اشتراه بلفظ الشراء لا بلفظ الصلح، والله أعلم.

٢٢٦٦ - قول " التنبيه " [ص ١٠٤]: (فإن قال: " هو لك وصالحني عنه على أن يكون لي " .. جاز) محله: ما إذا كان قادرًا على انتزاعه لأنه مغصوب؛ ولذلك قال " المنهاج " [ص ٢٦٠]: (فهو شراء مغصوب، فيفَرَّقُ بين قدرته على انتزاعه وعدمها) وهو معنى قول " التنبيه " عقبه [ص ١٠٤]: (فإن سلم له .. انبرم، وإن لم يسلم .. رجع فيما دفع) أي: إن سلم له بقبضه من غاصبه .. انبرم؛ أي: لزم، وإن لم يسلم لعجزه عن قبضه .. رجع فيما دفع إن اختار فسخ العقد، ولكنها عبارة غير مفصحة عن المقصود.

وقد أورد شيخنا الإسنوي وغيره على " التنبيه ": أن عبارته تتناول ما إذا كان دينا مع أنه باطل


(١) انظر " نهاية المطلب " (٦/ ٤٥٧)، و" السراج على نكت المنهاج " (٣/ ٢٦٧، ٢٦٨).
(٢) المنهاج (ص ٢٢٥).
(٣) الروضة (٣/ ٥١٤).
(٤) السراج على نكت المنهاج (٣/ ٢٦٨)، وانظر الروضة (٤/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>