للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أثناء تعليل في الكلام على موت المشتري مفلسًا قبل وفاء الثمن (١)، وقد ظهر بذلك أنه لا يمكن مع تصحيح الإقالة عدم الرجوع على المحيل، بل متى صحت .. رجع عليه، والله أعلم.

٢٣٠١ - قول " التنبيه " [ص ١٠٥]: (وإن أحال المشتري البائع بالثمن على رجل، ثم وجد المشتري بالمبيع عيبًا فرده؛ فإن كان بعد قبض الحق .. لم تنفسخ الحوالة، بل يطالب المشتري البائع بالثمن، وإن كان قبل قبض الحق .. فقد قيل: تنفسخ، وقيل: لا تنفسخ) فيه أمران:

أحدهما: أن الأصح: أنه لا فرق بين أن يكون ذلك بعد قبض الحق أو قبله، والأصح في الصورتين: الانفساخ، وعلى ذلك مشى " المنهاج " و" الحاوي " (٢).

ثانبهما: ذكر الرد بالعيب مثال، فلو رده بخيار أو إقالة أو تحالف .. كان الحكم كذلك، وقد ذكر " الحاوي " هذه الصور كلها (٣)، واقتصر " المنهاج " أيضًا على الرد بالعيب (٤).

واعلم: أن البطلان مبني على أن الحوالة استيفاء، ومقابله مبني على أنها بيع، فالترجيح في الفرع يخالف الترجيح في الأصل، ويحتاج إلى الفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا أحالها بصداقها ثم انفسخ النكاح واقتضى الحال الرجوع .. فإن الأصح: أن الحوالة لا تنفسخ، وقد فرقوا: بأن الصداق أثبت من غيره، وفيه نظر (٥).

٢٣٠٢ - قول " الحاوي " [ص ٣١٩]: (وينفسخ بثبوت حرية المبيع) فيه أمور:

أحدها: أنه يفهم من تعبيره بالانفساخ: أنها صحت ثم انفسخت، وليس كذلك؛ فلم تنعقد هذه الحوالة من أصلها، وتعبير " التنبيه " و" المنهاج " بـ (البطلان) أرادا به ذلك (٦).

ثانيها: أنه لم يبين ما تثبت به حرية المبيع، وفصل ذلك " المنهاج " بقوله [ص ٢٦٥]: (ولو باع عبداً وأحال بثمنه، ثم اتفق المتبايعان والمحتال على حريته، أو ثبتت ببينةٍ .. بطلت الحوالة، وإن كذبهما المحتال ولا بينة .. حلّفاه على نفي العلم)، وصورة ثبوتها ببينةٍ: أن تشهد حسبة، أو يقيمها العبد، لا المتبايعان كما حكاه الرافعي عن البغوي والروياني، وأقرهما (٧)، وجزم به في " الشرح الصغير " لأنهما كذباها بالمعاقدة عليه، لكن الذي حكاه الروياني عن النص، وعليه يدل كلام الرافعي والنووي في الدعاوى، وصححه في " المهمات ": سماع البينة ممن لم يصرح قبل ذلك بالملك.


(١) انظر " فتح العزيز " (٥/ ٤).
(٢) الحاوي (ص ٣١٩)، المنهاج (ص ٢٦٤).
(٣) الحاوي (ص ٣١٩).
(٤) المنهاج (ص ٢٦٤).
(٥) انظر " السراج على نكت المنهاج " (٣/ ٢٨٦).
(٦) التنبيه (ص ١٠٥)، المنهاج (ص ٢٦٤).
(٧) انظر " التهذيب " (٤/ ١٦٧)، و" بحر المذهب " (٨/ ٦٤)، و " فتح العزيز " (٥/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>