هل يجوز للبنك الإسلامي حماية لأمواله وممتلكاته واستثماراته وأموال وممتلكات المتعاملين معه والمودعين لديه أن يقوم بالتأمين عليها ضد المخاطر المذكورة لدى شركات التأمين التجارية نظرا لعدم وجود شركات تأمين تعاونية في الوقت الحاضر وإلى حين قيام تلك الشركات التعاونية في السودان أو في أي مكان آخر في العالم الإسلامي؟
الجواب
التأمين التجاري من المعاملات الحديثة التي تناولها فقهاء الشريعة الإسلامية بالبحث في المؤتمرات والندوات وفي بحوثهم الخاصة وقد اختلفت آراؤهم في هذه المعاملة من حيث الجواز وعدمه منهم من أجاز التأمين التجاري بجميع أنواعه منهم من منعه بجميع أنواعه ومنهم من منع التأمين على الحياة وأجاز أنواع التأمين الأخرى وقد اهتم مجمع البحوث الإسلامية بهذا الموضوع وكان أمام المجمع في مؤتمره السابع سنة ١٣٩٢ هـ ١٩٧٢ م زهاء ثمانين رأيا من آراء علماء المسلمين في الأقطار الإسلامية مختلفة من حيث حكم التأمين التجاري على النحو الذي ذكرناه ومختلفة كذلك من حيث طرق استنباط الحكم ودليله ولا يزال الموضوع ينتظر دراسة مجمع البحوث وإصدار توصية بشأنه وترى الهيئة أن التأمين التجاري غير جائز شرعا وهذا هو رأي أكثر الفقهاء الذين بحثوا هذا الموضوع ولكن هؤلاء الفقهاء المانعين قد اختلفوا في أسباب المنع وجملة الأسباب هي الغرر والربا والقمار فمن الفقهاء من يرى أن جميع هذه المحظورات موجودة في التأمين التجاري ومنهم من يرى وجود بعضها فقط وترى الهيئة أن المانع من جواز التأمين التجاري هو الغرر وهذا هو المحظور المجمع على تحققه في عقد التأمين التجاري عند القائلين بالمنع وأصل المنع من عقود الغرر ورد في حديث رواه الثقات عن جمع من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
نهى عن بيع الغرر
وقد وضع الأئمة المجتهدون شروطا للغرر المفسد أكثرها متفق عليه وبعضها مختلف فيه وترى الهيئة أن الشروط التي يجب أن تتوافر في الغرر ليكون مؤثرا ومفسدا للعقد هي:
أولا: أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية
ثانيا: أن يكون كثيرا
ثالثا: أن يكون في المعقود عليه أصالة
رابعا: ألا تدعو إلى العقد حاجة وهذه الشروط متفق عليها بين المذاهب الأربعة ما عدا الشرط الأول فهو مأخوذ من مذهب المالكية أما المذاهب الثلاثة فلا توافق على هذا الشرط لأن الغرر عندهم يؤثر في عقود التبرعات أيضا وترى الهيئة أن ثلاثة الشروط الأولى متحققة في عقد التأمين التجاري فهو عقد معاوضة مالية والغرر فيه كثير وفي المعقود عليه أصالة أما الشرط الرابع فغير متحقق فيه لأن الناس في جميع البلاد في حاجة إلى الخدمات التي تقدمها هذه الشركات وقد تعامل كثير منهم معها تلبية لهذه الحاجة والحاجة إلى العقد هي أن يصل الناس إلى حالة بحيث لو لم يباشروا ذلك العقد يكونون في جهد ومشقة لفوات مصلحة من المصالح المعتبرة شرعا ويشترط في الحاجة التي تجعل الغرر غير مؤثر في العقد شرطان:
١- أن تكون الحاجة عامة أو خاصة فالحاجة العامة هي ما يكون الاحتياج فيها شاملا لجميع الناس والحاجة الخاصة هي ما يكون فيها الاحتياج خاصا بطائفة من الناس كأهل بلد أو حرفة
٢- أن تكون متعينة ومعنى تعينها أن تنسد جميع الطرق المشروعة للوصول إلى الغرض سوى ذلك العقد الذي فيه الغرر لأنه لو أمكن الوصول إلى الغرض عن طريق عقد آخر لا غرر فيه أو فيه غرر مغتفر فإن الحاجة إلى العقد الذي فيه غرر لا تكون موجودة في الواقع فإذا توافر هذان الشرطان جازت مباشرة العقد الذي فيه غرر لكن يجب أن يقتصر على القدر الذي يزيل الحاجة فقط عملا بالقاعدة المعروفة (الحاجة تقدر بقدرها) وتطبيقا لهذه الضوابط فإن الهيئة ترى أنه لا يجوز للبنك أن يقوم بالتأمين على أمواله لدى شركات التأمين التجارية لأن الحاجة إلى التأمين لدى تلك الشركات غير متعينة لأن البنك يمكنه أن يؤمن على أمواله لدى شركة التأمين التعاوني التي اقترح في استفساره رقم (٣) ووافقت الهيئة عليه وأصبحت في حكم الشركة القائمة وفي هذا الجواب عن الاستفسار رقم (١٢)