المسألة الأولى: أوقف رجل ثلث أملاكه على الأعمال الخيرية واشترط أن يحجز في آخر كل عام عند توزيع ريعها جزءا صغيرا لما يحدث من الطوارئ وقد يكون عند ناظر الوقف مبلغ يزيد عن النصاب وحال عليه الحول - فهل تجب فيه الزكاة أم لا؟
المسألة الثانية:(نظرا للحالة الحالية) اضطر ناظر الوقف أن يضع ما عنده من الاحتياطي وما تحصل من إيراد هذا العام في أحد المصارف بدون شرط خوف الضياع وفي آخر العام الميلادي أضاف المصرف ربحا على المبالغ المودعة عنده - فهل يجوز للناظر استلام هذا الريع أم لا وإن كان يجوز له ذلك فهل يوزعه على المستحقين باعتبار أنه إيراد جديد أم يضيفه إلى الاحتياطي؟
الجواب
الإجابة على المسألتين على مذهب الإمام الشافعي وملخص الجواب عن
المسألة الأولى: أن ريع الوقف إن كان الوقف على جهة عامة كالمساجد والفقراء ونحو ذلك من سبل الخير فلا زكاة في الريع وإن كان الوقف على إنسان معين أو جماعة معينين وجبت الزكاة في الريع لأنهم يملكونه ملكا تاما يتصرفون فيه جميع أنواع التصرف فإن بلغ نصيب كل منهم نصابا وجبت الزكاة فيه إن حصلت شروط الوجوب وإن نقص نصيب كل منهم وبلغ نصيب جميعهم نصابه ووجدت شروط الخلطة مع وجود شروط الوجوب وجبت الزكاة في الريع وأما الأعيان الموقوفة إن كانت زكوية فلا زكاة فيها - وملخص الجواب عن
المسألة الثانية: أنه ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على على وجه الضمان فإن فعله ضمنه ولا يجوز له إدخال ما ضمنه في مال الوقف على وجه الضمان فإن فعله ضمنه ولا يجوز له ما ضمنه في الوقف وإقراض الناظر مال الوقف كإقراض مال الصبى فلا يجوز لغير القاضي إقراض مال الوقف إلا لضرورة كسفر أو نهب فيقرضه مليا أمينا خاليا ماله عن الشبهة ويأخذ رهنا إن رأى في أخذه مصلحة - وحينئذ فما فعله الناظر من الوضع فهو إما قرض بالقول فلا بد من الشروط المعتبرة فيه ولم يوجد جميعها في هذا القرض فهو فاسد وغير جائز له وإما - قرض وضعي بالمعاطاة مع الاتفاق المعلوم بين المصارف والمقرض فلا تجوز أيضا وحينئذ فلا يجوز للناظر استلام هذا الربح بل هو لصاحبه الأصلي من المصارف وإذا كان لا يجوز استلامه له لبقائه على ملك صاحبه فلا يجوز للناظر رده على مال المستحقين ولا على الاحتياطي ولا يجوز للناظر الانتفاع به بل يجب رده وهو ضامن للمال الموضوع في أحد المصارف فإذا استلمه منه فلا يبرأ من ضمانه بالاستلام بل لابد من تسليمه للقاضي ثم يدفعه له القاضي فيبرأ - وليس وضع الناظر مال الوقف المذكور بأحد المصارف من قبيل الإيداع الشرعي لأن من شرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها وعادة المصارف جرت على استهلاك كل ما يودع فيها إلا إذا كان مودعا بخزينة خاصة لصاحب المال توضع هي في المصرف على أن الناظر ليس له إيداع مال الوقف أيضا إلا عند القاضي الشرعي بشروطه هذا ما تفيده نصوص مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه التي يفتى بها وأما الجواب على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه فأما عن
المسألة الأولي: فهو أن ريع الأوقاف الموقوفة على الأعمال الخيرية لا زكاة فيه ولا فيما تكون عند الناظر وزاد عن النصاب كما هو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وأما
المسألة الثانية: فوضع الناظر ما عنده من الاحتياطي وما تحصل من إيراد هذا العام كما ذكر في أحد المصارف ليس من الإيداع في شيء لأن المصارف جرت عادتها على استهلاك ما يودع فيها وشرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها كما هو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه بل هو من باب القرض وليس للناظر أن يقرض مال الوقف وإنما ذلك للقاضي الشرعي وحينئذ يكون الناظر المذكور ضامنا لما وضعه بأحد المصارف وأما الربح الذي نتج من ذلك فهو باق على ملك صاحبه ولا يجوز للناظر قبضه من المصرف متى كان ذلك في دار الإسلام فإن قبضه وكان ذلك في دار الإسلام كما ذكرنا ملكه الناظر ملكا خبيثا فيجب عليه رده لمن قبضه منه فإن لم يرده كان الواجب عليه أن يتصدق به على الفقراء