[الدورة السابعة]
[القرار الأول]
حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة)
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) يعقد فيها من عقود بيعا وشراء على العملات الورقية وأسهم الشركات وسندات القروض التجاررية والحكومية والبضائع وما كان من هذه العقود على معجل وما كان منها على مؤجل كما اطلع مجلس المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها
أولا: إن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة يتلاقى فيها العرض والطلب والمتعاملون بيعا وشراء وهذا أمر جيد ومفيد ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتاجون إلى بيع أو شراء ولا يعرفون حقيقة الأسعار ولا يعرفون من هو المحتاج إلى البيع ومن هو المحتاج إلى الشراء ولكن هذه المصلحة الواضحة يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) أنواع من الصفقات المحظورة شرعا والمقامرة والاستغلال وأكل أموال الناس بالباطل ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجري فيها كل واحدة منها على حدة
ثانيا: إن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعا هي عقود جائزة ما لم تكن عقودا على محرم شرعا أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه
ثالثا: إن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعا ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعا كشركات البنوك الربوية وشركات الخمور فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعا وشراء
رابعا: إن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة بمختلف أنواعها غير جائزة شرعا لأنها معاملات تجري بالربا المحرم
خامسا: إن العقود الآجلة بأنواعها التي تجري على المكشوف أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعا لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتمادا على أنه سيشتريه فيما بعد ويسلمه في الموعد وهذا منهى عنه شرعا لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
لا تبع ما ليس عندك
, وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم
سادسا: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية وذلك للفرق بينهما من وجهين:
(أ) في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس العقد
(ب) في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها وهي في ذمة البائع الأول وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين مخاطرة منهم على الكسب والربح كالمقامرة سواء بسواء بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه وبناء على ما تقدم يرى المجمع الفقهي الإسلامي أنه يجب على المسئولين في البلاد الإسلامية أن لا يتركوا اسواق البورصة في بلادهم حرة تتعامل كيف تشاء في عقود وصفقات سواء أكانت جائزة أم محرمة وأن لا يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاؤؤن بل يوجبون فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها ويمنعون العقود غير الجائزة شرعا ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية ويخرب الاقتصاد العام ويلحق النكبات بالكثيرين لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء قال الله تعالى:
(سورة:٦, آية:١٥٣)
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون