يقوم البنك بضمان عملية المتقدم لفتح خطاب ضمان تجاه جهة ثالثة يقوم ذلك العميل بالالتزام بتقديم عمل لها أو يقوم بتوريد مواد أو بضاعة معينة لها وذلك في حدود زمن محدد ونسبة معينة من تكلفة العملية يتعهد البنك بالوفاء بها لتلك الجهة فور مطالبتها حالة فشل العميل بالوفاء بالتزاماته تجاهها ويعتبر البنك وكيلا عن العميل في تنفيذ الالتزام في مواجهة المستفيد أو كفيلا وضامنا للعميل لدى الدائن وسواء تم تكييف هذه العلاقة على أنها عقد وكالة أو عقد كفالة أو أي لفظ آخر يأخذه الضمان عند إصدار خطاب الضمان يكون أجرا أو عمولة حسب ما يقرره البنك لخدماته نظير قيامه بهذه الخدمة التي تمنح العميل ميزة لدى الجهة الثالثة وضمانا أقوى هل يعتبر هذا النوع من العمل من وجهة النظر الشرعية حلالا أو تحوم حوله أي شبهة؟
الجواب
تعريف خطاب الضمان الوارد في هذا الاستفسار وحالات خطابات الضمان التي أصدرها البنك تدل على أن هذه المعاملة عقد كفالة: الكفيل فيه البنك والمكفول العميل والمكفول له الطرف الثالث المستفيد وذلك لأن الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بدين أو عين أو نفس فالذمة الضامنة في خطاب الضمان هي ذمة البنك الكفيل - والذمة المضمونة هي ذمة العميل - المكفول - وهي المطالب في الأصل فالبنك يلتزم في خطاب الضمان لدى الطرف الثالث - المكفول له بتأدية ما على العميل من الحق في حالة فشله في الوفاء ويترتب على نفاذ الكفالة ثبوت الحق للمكفول له في مطالبة الكفيل بما يطالب به المدين الأصلي ولا يشترط عند جمهور الفقهاء تعذر مطالبة الأصيل بل يكون للمكفول له مطالبة من يشاء منهما أو مطالبتهما معا والرأي المرجوع إليه عن مالك أنه لا يجوز مطالبة الكفيل إلا عند تعذر الاستيفاء من الأصيل ورأي المالكية هذا ينطبق على خطاب الضمان تماما لأن مطالبة البنك في خطاب الضمان لا تكون إلا في حالة فشل العميل في الوفاء بالتزاماته وبما أن الكفالة مشروعة باتفاق الفقهاء فإن خطاب الضمان يكون مشروعا أيضا هذا بالنسبة لخطابات الضمان التي ليس لها غطاء أما خطابات الضمان التي لها غطاء كلي أو جزئي فإنها تتضمن الوكالة والكفالة معا إذ يمكن اعتبار البنك في هذه الحالة وكيلا بالنسبة للعميل في أداء ما أودعه للطرف الثالث عند طلبه واعتباره - أي البنك - ضامنا بالنسبة للطرف الثالث لأن هذا الطرف الثالث لا يطالب العميل وإنما يطالب البنك بناء على ضمانه لا بناء على وكالته ولا يهمه أن يؤدي البنك له ما يطلبه من ماله الخاص أو مما أودعه عنده العميل ولا مانع شرعا من خطاب الضمان على هذا التكييف لأن الوكالة عقد مشروع باتفاق الفقهاء أيضا
أخذ الأجر أو العمولة على خطاب الضمان:
انتهينا إلى أن خطاب الضمان جائز شرعا في حالتيه: الحالة الأولى التي يكون فيها بغير غطاء واعتبرنا العقد في هذه الحالة عقد كفالة والحالة التي يكون فيها بغطاء - كامل أو جزئي - واعتبرنا العقد هنا عقد وكالة وكفالة معا: وكالة بالنسبة لعلاقة البنك مع العميل وكفالة بالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث وبقي أن تعرف حكم أخذ البنك أجرا في كل من الحالتين:
الحالة الأولى: لا يجوز للبنك أن يأخذ أجرا في هذه الحالة إذا كان هذا الأجر نظير خطاب الضمان لأنه يكون قد أخذ أجرا على الكفالة وهو ممنوع لأن الكفالة من عقود التبرعات قال الحطاب ولا خلاف في منع ضمان بجعل لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل إلا لله بغير عوض فأخذ العوض عليه سحت وعلل ابن عابدين المنع بأن الكفيل مقرض في حق المطلوب وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه فهو باطل لأنه ربا " أما إذا كان الأجر الذي يأخذه البنك نظير ما قام به من خدمة ومصاريف تتطلبها إجراءات إكمال خطاب الضمان فلا مانع شرعا
الحالة الثانية: يجوز أن يأخذ البنك أجرا في هذه الحالة وهي الحالة التي يصدر فيها خطاب الضمان بغطاء لأنه في هذه الحالة يكون على أساس الوكالة والوكالة تجوز بأجر وبغير أجر وخلاصة الجواب أن الهيئة ترى جواز إصدار خطابات الضمان في الصور والحالات المستفسر عنها وترى أيضا جواز أخذ أجر على إصدار خطابات الضمان شريطة أن يكون هذا الأجر نظير ما يقوم به البنك من خدمة لعملائه بسبب إصدار هذه الخطابات ولا يجوز بأخذ البنك أجرا لمجرد كونه ضامنا للعميل