نرجو إفتاءنا هل يجوز شرعا تحميل مصاريف التأسيس ومصاريف التخارج في المضاربة؟
الجواب
الذي أراه من الناحية الشرعية في شأن مصاريف التأسيس أنها عبارة عن مقابل لأعمال ومهام بذلت لإنشاء المحفظة أي استلزمها (عقد المشاركة بين الطرفين) وهذا العقد يعود نفعه على كل من المضارب وأرباب الأموال والمضارب إن قام بهذه الأعمال بجهود غيره فإنه يمكنه بسهولة تحديد ما صرفه فعلا وإن قام بها بنفسه وبأعوانه فقط أو بذلك وبجهود غيره فإنه يمكنه تقديم ما قام به بنفسه وبأعوانه باحتساب أجر المثل حسب تقدير الخبرة وبما أن هذه التحضيرات يستفيد منها المضارب وأرباب الأموال فإنه يتحملها الطرفان لا يقال " إن على المضارب أن يعد نفسه ليكون مؤهلا لعمل المضاربة " لأن هذا الإعداد قائم به من خلال خبراته المتراكمة التي لأجلها أقدم أرباب الأموال على التعامل معه وتسليم الأموال إليه وهذا هو الإعداد العام أما ما يتوصل إليه من خلال التحضيرات والدراسات ونحوها فهو الإعداد الخاص لمزاولة المضاربة على النحو الأمثل فبذلك تتحدد كيفية التعاقد وإطاره ومكانه وزمانه وموضوع النشاط وتنظيم العلاقات المختلفة بين الأطراف وبينها وبين الغير وهذه كلها تظهر آثارها الإيجابية في إنشاء المضاربة وعملها وتؤثر في نفعها العائد على جميع الأطراف وهناك منهجان مقبولان مبدئيا في تحميل تلك المصاريف وتحديدها:
أحدهما أن تحدد من الواقع الفعلى سواء أكانت كلها بجهود الغير أم شارك فيها المضارب وتقوم بأجر المثل فهذه المصاريف (الفعلية) تخصم من صافي الأرباح التي تتحقق وذلك قبل التوزيع لها بالنسب المقررة وبهذه الطريقة يتحمل المضارب جزءا منها بحسب نسبته من الربح وكذلك أرباب الأموال بحسب نسبتهم لأن خصمها من الأرباح يعود بالنقص على الطرفين بنسبة ربح كل منهما وهذه الطريقة أعدل من جهتين:
(١) ربطها بالمصاريف الفعلية
(٢) توزيع عبئها على الطرفين بحسب نصيبهما في الربح ويلحظ في هذا المنهج أن المصاريف مراعى فيها المآل لصالح المضاربة ولأجلها فكأنها من مصاريف المضاربة المعتادة لمزاولة أنشطتها وهذا من قبيل استصحاب الحال وينسجم هذا مع قاعدة نفقات ومصاريف المضاربة خلال قيامها (وتنظر الفتوى اللاحقة بشأنها)
والمنهج الآخر لا يلحظ فيه أنها كجزء من مصاريف المضاربة بل ينظر إليها على أنها خدمات سابقة على المضاربة قام بها المضارب وطلب لقاءها مقابلا حسب تقديره كثمن لتلك الخدمات وعرض على أرباب الأموال الاستفادة منها بتحمل نصيب من هذا المقابل فإن قبلوا دخلوا في المشاركة وإلا أحجموا عن الدخول أو طالبوا بإنقاصها إلى القدر الذي يرتضونه ويقبله المضارب ويشبه هذه ما يقوم به أحد الشركاء أو الجيران من عمل في المال المشترك ويمكنهم من أن يستفيدوا منه بدفع ما يحدده من ثمن لتلك المنفعة وكأنه من عمل الفضولي الذي يسري على من قصدهم به بإجازتهم له (والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة) وهذا بالنسبة للمؤسسين أما المنضمون للمضاربة فيما بعد فإنهم لا يدفعون شيئا فإن دفعهم للقيمة الاسمية للشهادة معناه تحميل نصيب مما حققته أعمال التأسيس من زيادة تلك القيمة والمنهج الأول من قبيل التولية (والتشريك فيها بالنسبة) أما المنهج الثاني فهو من قبيل المساومة والأول أعدل وأدعى للقبول أما مصاريف التخارج إن وجدت فهناك بعض الممارسات التي تقضي بتحميل الخارج من المضاربة نفقات التسهيل له لذلك التخارج وهذا بالرغم من وضوح باعثه وهو أن التخارج جاء من قبله ولمصلحته بالدرجة الأولى لكن عملية التخارج هي عبارة عن عقد وكل من الطرفين عامل لمصلحة نفسه فلا يتحمل أحدهما ما يقع من نفقات ولا يطالب بمقابل بل إن وقعت نفقات فعلية تحملها الطرفان بالتساوي