تم إنشاء مسجد بحدائق القبة حيث يكثر المسلمون ولا توجد مساجد للعبادة وبعد تعب شديد في جمع المال لبناء هذا المسجد وفي هذه الجهة رجل ثري أراد إخراج زكاة ماله لمصلحة المسجد المذكور فهل يصح ذلك أم يكون آثما أم يؤجر على ذلك؟
الجواب
اطلعنا على السؤال ونفيد أنه يجوز صرف الزكاة لبناء المسجد ونحوه من وجوه البر التي ليس فيها تمليك أخذا برأي بعض فقهاء المسلمين الذين أجازوا ذلك استدلالا بعموم قوله تعالى
(سورة:٩, آية:٦٠)
وفي سبيل الله
من آية
(سورة:٩, آية:٦٠)
إنما الصدقات للفقراء والمساكين
وإن كان مذهب الأئمة الأربعة على غير ذلك وما ذكرناه مذكور في تفسير هذه الآية للإمام فخر الدين الرازي ونص عبارته واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله:
(سورة:٩, آية:٦٠)
وفي سبيل الله
لا يوجب القصر على كل الغزاة فلهذا المعنى نقل القفال في تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون والمساجد لأن قوله
(سورة:٩, آية:٦٠)
وفي سبيل الله
عام في الكل انتهت عبارة الفخر ولم يعقب رحمه الله على ذلك بشيء وقد جاء في المغنى لابن قدامة بعد أن قال ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والجسور والطرق إلخ ما نصه - وقال أنس والحسن ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية والأول أصح لقوله سبحانه وتعالى
(سورة:٩, آية:٦٠)
إنما الصدقات للفقراء والمساكين
وإنما للحصر والإثبات تثبت المذكور وتنفي ماعداه انتهى - والظاهر أن أنسا والحسن يجيزان صرف الزكاة في بناء المسجد لصرفها في عمل الطرق والجسور وما قاله ابن قدامة في الرد عليهما غير وجيه لأن ما أعطى في الجسور والطرق مما أثبتته الآية لعموم قوله تعالى
(سورة:٩, آية:٦٠)
وفي سبيل الله
وتناوله بكل وجه من وجوه البر كبناء مسجد وعمل جسر وطريق ولذلك ارتضاه صاحب شرح كتاب الروض النضير إذ قال وذهب من أجاز ذلك - أي دفع الزكاة - في تكفين الموتى وبناء المسجد إلى الاستدلال بدخولهما في صنف سبيل الله إذ هو - أي سبيل الله طريق الخير على العموم وإن كثر استعماله في فرد من مدلولاته وهو الجهاد لكثرة عروضه في أول الإسلام كما في نظائره ولكن لا إلى حد الحقيقة العرفية فهو باقي على الوضع الأول فيدخل فيه جميع أنواع القرب على ما يقتضيه النظر في المصالح العامة والخاصة إلا ما خصه الدليل وهو ظاهر عبارة البحر في قوله قلنا ظاهر سبيل الله العموم إلا ما خصه الدليل - انتهت عبارة الشرح المذكور والخلاصة أن الذي يظهر لنا هو ما ذهب إليه بعض فقهاء المسلمين من جواز صرف الزكاة في بناء المسجد ونحوه فإذا صرف المزكي الزكاة الواجبة عليه في بناء المسجد سقط عنه الفرض وأثيب على ذلك والله أعلم