[فتوى رقم (٤)]
السؤال
نظرا لأن قيام مؤسسة التأمين التعاونية الإسلامية التي اقترحناها وبدأنا الإعداد لها بعون الله تحتاج إلى بعض الوقت ريثما تكتمل الدراسات الخاصة بها فقد ترى الهيئة الموقرة أن من الغفلة أو السفة ترك البنك دون تأمين حتى قيام المؤسسة الإسلامية وفي ذلك تعريض لأموال البنك وأموال المودعين لديه وعملائه من المسلمين للخطر لذلك نسأل الهيئة الموقرة عما إذا كان من الجائز شرعا تأمين البنك وأمواله وأموال المسلمين لدى شركات التأمين القائمة مؤقتا وإلى أقصر وقت ممكن إلى حين التغلب على مشاكل قيام مؤسسة التأمين الإسلامية إن التأمين على البنك ومشاريعه التجارية وودائع عملائه لا يتأتى من أي طريق آخر غير طريق التأمين لدى الشركات التجارية في الوقت الحاضر فهل تبرر حاجتنا إلى التأمين اللجوء إلى هذه الشركات قياسا على فتوى الهيئة الموقرة بخصوص إعادة التأمين؟
الجواب
هذا الاستفسار هو في حقيقته طلب لإعادة النظر في فتوى هيئة الرقابة الشرعية عن الاستفسار رقم (١٢) ولذا فإن من المستحسن أن تجيب الهيئة عن جزئية من جزئياته:
أولا: إن أهمية التأمين والحاجة إليه أمر مسلم به وقد أقرته الهيئة في فتواها السابقة
ثانيا: إن التأمين الإجباري بالنسبة للعربات لم يرد في الاستفسارات السابقة وقد علمت الهيئة مما جاء في هذا الاستفسار رقم (١٦) أن البنك أمن على عرباته التأمين الإجباري لأن الاستثناء الممنوح للبنك من الخضوع للقوانين المنظمة للتأمين لا يشمل التأمين الإجباري في حالة العربات وتود الهيئة أن تقر البنك على ما فعل لوجود الحاجة المتعينة على أن ينهي تأمينه مع شركة التأمين التجارية بمجرد قيام شركته التعاونية ويحوله إليها إذا أمكن أما التأمين الإجباري على الواردات في شركات التأمين التجارية فإن البنك لم يطلب من الهيئة فتوى خاصة فيه وقد جاء في الاستفسار ما يفهم منه عدم جوازه بالنسبة للبنك وبالنسبة لشريكه وتود الهيئة أن توضح أن القول بعدم الجواز بالنسبة للبنك صحيح لأن التأمين على الواردات بالنسبة للبنك اختياري والحاجة إليه غير متعينة فتدخل في فتوى الهيئة السابقة بالمنع أما القول بعدم الجواز بالنسبة لشريك البنك فغير صحيح لأنه مجبر قانونا على هذا النوع من التأمين والحاجة إلى التأمين في شركات التأمين التجارية متعينة بالنسبة إليه لأنه لا يجد شركة تأمين تعاوني يؤمن فيها في الوقت الحاضر ولا يستطيع إنشاءها فلا وزر عليه إن شاء الله
ثالثا: ورد في الاستفسار أن مطالبة القانون المتعامل مع البنك بالتأمين على الواردات يثير صعوبة عملية ويجعل البنك أمام خيارين لا ثالث لهما وترى الهيئة أن:
(أ) البنك أمامه خيار ثالث هو إنشاء شركة التأمين التعاوني التي تفتح له ولعملائه الطريق المشروع للتأمين على الواردات وغيرها
(ب) الخيار الأول لا وزر فيه على عميل البنك ما دام ملزما قانونا بالتأمين ولا يجد شركة تأمين تعاوني يؤمن فيها أما الخيار الثاني فلا يذهب إليه أحد
رابعا: إن ما ورد في الاستفسار من ذكر للمخاطر التي تتعرض لها أموال البنك هو من مقتضيات الإسراع في إنشاء شركة التأمين التعاوني التي تؤمن هذه المخاطر
خامسا: ورد في الاستفسار (٣٣) : (أن قيام مؤسسة التأمين التعاونية الإسلامية يحتاج إلى بعض الوقت ريثما تكتمل الدراسات الخاصة) وتود الهيئة أن تشير هنا إلى حقيقتين:
(أ) أن الوقت المحدد في مشروع لائحة المؤسسة هو أول أكتوبر ١٩٧٨ فهل بعض الوقت المطلوب لإكمال الدراسات هو ما تبقى من شهر سبتمبر؟
(ب) أن الدراسات عن التأمين بصفة عامة بدأت في شكل مؤتمرات وندوات منذ أكثر من سبع عشرة سنة وقد أجمع العلماء في كل مناسبة يلتقون فيها على جواز التأمين التعاوني واختلفوا في جواز التأمين التجاري وكان الواجب على الحكومات الإسلامية وعلى كل مستطيع من المسلمين إنشاء شركات تأمين تعاوني لتحل محل شركات التأمين التجاري بعد أول قرار أصدره علماء المسلمين بشأن التأمين وعندما أراد الله لبنك فيصل الإسلامي السوداني أن يقوم بدأ المسئولون في عمل الدراسات الخاصة بإنشاء شركة للتأمين التعاوني وتقدموا باستفسار للهيئة مصحوبا بمذكرة عن التصور للشركة درسته الهيئة في أول اجتماع لها في شهر ربيع الثاني ١٣٩٨ هـ واستمرت الدراسة والإعداد لقيام شركة التأمين التعاوني منذ ذلك التاريخ فأعد المسئولون في البنك مشروع عقد تأسيس للشركة درسته الهيئة معهم دراسة وافية وأدخلت فيه بعض التعديلات حتى اطمأنت الهيئة إلى صلاحيته من وجهة النظر الشرعية واطمأنت أيضا إلى إمكانية تنفيذه لأن المسئولين الذين درست معهم الهيئة المشروع لم يشيروا إلى أي صعوبة عملية أو مشكلة تحتاج إلى مزيد من الدراسة وهذا يعني أن الدراسات الخاصة بقيام المؤسسة قد اكتملت
سادسا: ورد في أواخر الاستفسار ما يفيد أن هناك مشاكل تعترض قيام مؤسسة التأمين الإسلامية ولعل هذا هو الشيء الوحيد الجديد في الاستفسار الذي يمكن أن يبرر للهيئة إعادة النظر في الفتوى السابقة شريطة أن يبين البنك للهيئة هذه المشاكل لأن الاستفسار لم يذكر فيه أي مشكلة من المشاكل التي تحتاج إلى وقت للتغلب عليها
سابعا: أن الأساس الذي بنت عليه الهيئة فتواها بعدم جواز التأمين لدى شركات التأمين التجارية هو الأساس نفسه الذي بنت عليه فتواها بجواز التأمين لدى شركات إعادة التأمين التجارية وهو (مبدأ الحاجة) فقد اقتنعت الهيئة بأن الحاجة لإعادة التأمين لدى شركات إعادة التأمين التجارية عندما تقوم شركة التأمين التعاوني حاجة متعينة فأفتت بجواز إعادة التأمين بالقيود الواردة في الفتوى واقتنعت الهيئة بأن حاجة البنك إلى التأمين على أمواله لدى شركات التأمين التجارية حاجة غير متعينة فأفتت بعدم الجواز وعلى هذا فإن القياس الذي ورد في آخر الاستفسار قياس مع الفارق وخلاصة الجواب أن الهيئة ترى أنه لا يجوز لها شرعا الرجوع عن فتواها السابقة لأنها لم تجد في الاستفسار ما يبرر هذا الرجوع ولهذا فإن الهيئة تحث المسئولين في البنك أن يتوكلوا على الله ويسارعوا إلى تنفيذ ما عزموا عليه فإن فيه خيرا كثيرا أن شاء الله