عن رجل كان محجورا عليه لمرض عقلي وكان له مبلغ من المال وقد أودع هذا المبلغ أحد البنوك باسمه حتى وصل هذا المبلغ - مضافا إليه أرباحه السنوية - إلى مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه ونظرا لأن القيم لا يمكنه صرف أي مبلغ من البنك إلا بإذن المحكمة المختصة فلم يؤد زكاة هذا المال وقد توفى المحجور عليه في يناير ١٩٧٩ م ويسأل الطالب:
أولا: ما حكم الشرع في موضوع الزكاة هل تدفع من يوم وضع المبلغ في البنك أم من يوم آل المبلغ إلى الورثة بعد وفاة المحجور عليه؟
ثانيا: ما طريقة توزيع الزكاة؟
ثالثا: هل يمكن توزيع جزء من زكاة هذا المال على الفقراء والمحتاجين من أقارب المتوفي؟
الجواب
الزكاة ركن من أركان الإسلام وفرض عين على كل من توافرت في أمواله شروط الزكاة ودليل فرضيتها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع من هذا قوله تعالى
(سورة:٢, آية:٤٣)
وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
وما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن كان مما أوصاه بإبلاغه للناس
أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم
متفق عليه واللفظ للبخاري وقد أجمع المسلمون على فريضة الزكاة وأنها تجب في كل أنواع المال بشروط ومقادير محددة لكل نوع وأهمها أن يبلغ المال النصاب الشرعي وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين وأن يكون فائضا عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله وأن تمضى عليه سنة والنصاب الشرعي أي الحد الأدنى للمال النقدي الذي تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقي الشروط - وهو ما - تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة (٨٥) جراما من الذهب عيار (٢١) ويلزم مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحين الوفاة لا السعر الحالي فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه فيه الزكاة بمقدار ربع العشر أي ٢,٥ % هذا وقد تحدث الفقهاء في شروط وجوب الزكاة وقالوا إن منها العقل واختلفوا في وجوبها في مال المجنون فقال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إنها تجب في ماله ويجب على الولي إخراجها - من ماله - ويرى الإمام أبو حنيفة أنها لا تجب في ماله ولا يطالب الولي بإخراجها ونميل إلى الأخذ برأي الأئمة الثلاثة القائلين بإخراج الزكاة من المال لقوة أدلتهم وفي واقعة السؤال إذا ما تحققت شروط زكاة المال وتوافر النصاب الشرعي في المبلغ المذكور وقت إيداعه البنك وتعلم الحول عليه يجب على ولى هذا المحجور أن يخرج عنه زكاة رأس المال المودع مجردا من الأرباح لأن الفوائد المحددة بسعر معين والتي يعطيها البنك مقابل الإيداع تعتبر من قبيل القرض بفائدة ومن ثم تدخل هذه الفوائد في ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع وتصرف جملة هذه الفوائد إلى الفقراء والمساكين أما عن طريقة توزيع الزكاة فقد بينتها الآية الكريمة في قوله تعالى
(سورة:٩, آية:٦٠)
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله
من الآية وإذا كان لهذا المحجور عليه المتوفي أقارب فقراء محتاجون جاز إعطاؤهم من زكاة هذا المال بل هو الأفضل ولا يتحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة وإنما يقدم المحتاج والأول مراعاة الترتيب الوارد في الآية هذا والقيم هو المسئول أمام الله سبحانه عن زكاة أموال محجوره إذا استحقت عليها الزكاة وعليه أن يعرض الأمر على المحكمة المختصة للإذن بإخراج ما وجب من الزكاة قبل تقسيم التركة على الورثة