هل يجوز أن أعطى أولادي ما لدى من نقود كما أريد يعنى واحدا أكثر من الآخر علما بأن عندي ثلاث بنات متزوجات وولد متزوج وعنده ابن صغير وثلاثة أولاد غير متزوجين في الدراسة أنا أقوم بتقديم مصاريف شهرية لوالدي ووالدتي وأخى وأختى هل هذه المصاريف تخصم من زكاة المال وأيضا إذا تبرعت لأعمال خيرية مثل بناء جامع أو مساعدة محتاج؟ عندي أولاد يصومون رمضان وأولاد لا يصومون رمضان هل يجوز إخراج الزكاة على الذين لا يصومون رمضان؟ يخصم منى شهريا من مرتبي مبلغ للتأمين على الحياة من مدة ١٣ سنة فما حكم الشرع في هذا؟
الجواب
عن السؤال الأول ورد في كتاب نيل الأوطار للإمام الشوكاني ج ٦ ص ٦ ما نصه عن النعمان بن بشير قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم
رواه أحمد وأبو داود والنسائي وعن جابر قال قالت امرأة بشير أنحل ابني غلاما وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي فقال له إخوة؟ قال نعم قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ قال لا قال فليس يصلح هذا وإنني لا أشهد إلا على حق
رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير وقال فيه لا تشهدني على جور أن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم وعلى ذلك يكون العدل بين الأولاد من واجب الآباء لا يزرعون الحقد والكراهية بين أولادهم ومن أجل ذلك فقد
امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة على منحة أحد أصحابه لأحد أولاده بعد أن علم منه أنه لم يمنح باقي الأولاد مثلها وقال صلى الله عليه وسلم في هذا لا تشهدني على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم
عن السؤال الثاني أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر فيها الدافع إليهم على الإنفاق عليهم لأنه إذا وجبت النفقة عليه يكون دفع الزكاة إليهم إغناء لهم عن النفقة فيعود النفع إليه فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجزكما لو قضي بها دينه ولأن مال الولد مال لوالديه لحديث أنت ومالك لأبيك وكذلك لا يجوز دفع الزكاة للأولاد لأنهم جزء الأب والدفع منه إليهم يكون كالدفع لنفسه وأيضا الزوجة لأن نفقتها واجبة عليه وما يدفع للأخ أو الأخت يجوز أن يكون من الزكاة إليه إذا كانت نفقتهما لا تلزم الدافع شرعا إذ أن من وجبت نفقته على قريبه لم يجز دفع زكاته إليه عند أكثر العلماء والتبرع لمساعدة المحتاج يجوز احتسابها من الزكاة إذا كانت النية وقت والتبرع منعقدة لاحتسابها من الزكاة ولا تجزئ النية اللاحقة والتبرع لبناء جامع يجوز احتسابه من الزكاة إذا كانت الجهة التي يبنى فيها في حاجة إليه بمعنى أنه لا يوجد مسجد يتسع للمسلمين الموجودين فيها أما إذا وجد المسجد الذي يتسع فلا يجوز وفقا لما جرينا عليه في تفسير قوله تعالى
(سورة:٩, آية:٦٠)
وفي سبيل الله
على أن تقارن نية احتساب التبرع للمسجد من الزكاة وقت الدفع للجهة التي تقوم على بنائه بالمعنى سالف الذكر لما كان ذلك: فإنه ليس للسائل أن يحتسب ما يؤديه لوالديه أو لأحدهما من مصاريف من زكاة ماله وله احتساب ما يؤديه لأخيه أو أخته إن لم تكن نفقتهما أو أحدهما واجبة عليه شرعا في الحال وله احتساب ما يدفعه مساعدة لمحتاج من الزكاة وكذا احتساب تبرعه لبناء جامع من الزكاة إن كانت الجهة في حاجة إلى هذا المسجد وذلك كله بشرط أن تكون نيته وقت الدفع فيما يجوز احتساب المدفوع من زكاة في الأحوال التي أجيزها فيها هذا على ذلك الوجه عن السؤال الثالث صدقة الفطر وزكاته تجب على رب الأسرة عن كل من يعوله ويقيم في معيشته سواء كان من الصائمين أو من المفطرين ومن أجل هذا يسمى في عرف بعض الفقهاء زكاة الرءوس أي لأنها تجب عن كل إنسان يعونه رب الأسرة ويتولى أمره عن السؤال الرابع: أنه بتتبع قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها يثبت أنه لا يجب على أحد ضمان مال لغيره بالمثل أو بالقيمة إلا إذا كان قد استولى على هذا المال بغير حق أو إضاعة على صاحبه أو أفسد عليه الانتفاع به بطريق مباشر أو بالتسبب وأسباب الضمان المشروع في هذه الأوجه لا يتحقق في شركة التأمين على الحياة ذات القسط المحدد وهي في الواقع شركة ضمان لسلامة الأنفس وهو ما لا يجوز الضمان فيه شرعا ولأن في عقد التأمين على الحياة غررا بمعنى أنه لا يمكن لأحد المتعاقدين أو كلاهما وقت العقد معرفة مدى ما يعطي أو يأخذ بمقتضى هذا العقد والغرر والمخاطرة مبطلة للعقود في الإسلام لما كان ذلك: فإن عقود التأمين على الحياة بوضعها السائد ذات القسط المحدد غير التعاوني: من العقود الاحتمالية تحوى مقامرة ومخاطرة ومراهنة وبهذا تكون من العقود الفاسدة بمعايير العقود في فقه الشريعة الإسلامية والعقد الفاسد يحرم شرعا على المسلم التعامل بمقتضاه وكل كسب جاء عن طريق خبيث فهو حرام