إن الآيات التي وردت في الربا مطلقة لم تفرق بين نوع ونوع فيرجع في تفسيرها إلى المعنى الشرعي المتعارف عليه المستنبط من الآيات والأحاديث الصحيحة وأعدل ما قيل في تعريف الربا شرعا: إنه الفضل الخالي عن عوض بعقد وهذا يتناول الربا للاستهلاك والربا للاستغلال وإن أقصى ما قيل في الخلاف في شأن الربا هو ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يتسامح في ربا الفضل وهو: بيع التمر أو غيره متفاضلا مع التقابض في المجلس وهذا أمر نادر مع أن الصحابة قد أنكروا على ابن عباس قوله هذا لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة وبألفاظ متقاربة وبأسانيد صحيحة رويت في الصحاح وغيرها من المسانيد والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال:
الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والبر بالبر مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والتمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا
نعم اختلف العلماء في أن الربا هل هو مقصور على هذه الأنواع الستة أم يتعدى التحريم إلى غيرها؟ فذهب الظاهرية وبعض الحنفية وبعض الحنابلة إلى أنه مقصور على هذه الأنواع وما عداها فإنه على أصل الحل وذهب جمهور الأئمة إلى القول بأن الحرمة متعدية ولكنهم اختلفوا في علة التحريم وتفصيل ذلك في كتب الفقه والذي يهمنا هو القول بأن الربا بكل أشكاله وأنواعه محرم شرعا وأن القول بالتفرقة بين ما كان للاستهلاك وما كان للاستغلال قول محدث لم يقم عليه الدليل وقد سبق إليه بعض الكاتبين وإن كانوا قد صرحوا بأن الحرمة لا تكون إلا إذا كان الربا للاستهلاك أما إذا كان للاستغلال فإنهم ذهبوا إلى جوازه وهذا لعمري افتراء على الله ورسوله واجتهاد لا يستند إلى دليل بل ولا إلى شبهة دليل