ورد للهيئة استفساران أحدهما من فرنسا والآخر من الجزائر حول تجارة العملة ونص السؤالين كما يلي:
السؤال الأول من فرنسا: - إن تهافت الناس على الصرافة - كما يحدث في لبنان - بقصد المضاربة بالعملات لجني أي أرباح ممكنة يؤدي إلى بلبلة الأسواق وارتفاع أسعار العملات الأجنبية بدون مبرر فعلي ارتفاعا غير مبني على أي منطق ويؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني والناس العاديون في النهاية يدفعون هذا الثمن الباهظ ليعود في جيوب الجشعين والمبتزين هل هذا مسموح به شرعا؟ علما بأنه حسب معرفتي فالصرافة مسموحة على أن تتم " يدا بيد " وبدون ربا وإذا كان ذلك شرعا غير جائز - فما حكم العامل أو الموظف أو صاحب الدخل المحدود الذي قد يضطر إلى صرف ما لديه من نقود محلية وإبدالها بعملات أجنبية حفاظا على مدخوله ومدخراته ورأس ماله على أن يعود لصرفها إذا اضطر للدفع بالعملة الوطنية ولكن في الفترة التي يناسبه فيها سعر الصرف علما " بأن هذا الصنف من الناس الذين يحفظون مدخراتهم من الذوبان السريع لقيمتها يساهم - غالبا بحسن نية - مع أولئك الجشعين الذين لا يخافون الله بتدهور قيمة العملة الوطنية بسبب زيادة الطلب على العملات الأجنبية "
السؤال الثاني من الجزائر: - هناك مسألة من مسائل المال ثار حولها الكثير من الكلام والجدل فمنهم من ذهب إلى الحل ومنهم من ذهب إلى الحرمة ولم نعثر علي الدليل الشافي في كلا الطرفين والمسألة أثارت قلق أهل هذه القرية الباحثة عن الحق إن شاء الله وتتلخص المسألة: في حكم الشرع في المتاجرة بالعملة الصعبة في مقابل العملة المحلية هذا وإذا علمنا أن الوضع عندنا وصل إلى درجة من الخطورة علي الاقتصاد الوطني بشكل كلي وعلي العملة المحلية " الدينار الجزائري " بشكل خاص حيث نجد أن قيمة الدينار قد انهارت في السنوات الأخيرة هذه - بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية وبعض الإجراءات الحكومية - في السوق الموازية (السوداء) إلى درجة تنذر بالخطر حيث وصل إلى هذه المساواة: (١) دينار جزائري = ٩٦٥,٦ فرنكات فرنسية مع العلم أن سعر الحكومة الرسمي هو ١ د ج = ١,١٨ ف ف والشيء الذي دعا إلى القلق هو أن الكثير من أبناء هذه القرية لديهم حسابات في البنك الفرنسي وهذا إما بحكم وصولهم على التقاعد من هناك أو بحكم عملهم هناك هؤلاء الذين اتخذوا منها تجارة رابحة واستغلال هذا الوضع (عدم وجود المنحة السياحية في طرف الدولة) فما هو الرأي الشرعي في ذلك؟
الجواب
وقد تدارست الهيئة موضوع تجارة العملة والملابسات المحيطة بها من نواحيها الشرعية والاقتصادية والقانونية وقد توصلت بعد الدراسة والبحث إلى الجواب التالي: - " الأصل أن الاتجار بالعملة مباح شرعا " ولا شيء فيه بشرط أن يتم التعامل في حدود العرض والطلب المعتاد للناس وإذا تعدى التعامل هذه الحدود إلى درجة الاحتكار والاستغلال كان ضارا " بالمجتمع وأصبح غير جائز شرعا " ويجوز لولي الأمر تغيير المباح بما يمنع الضرر عن المسلمين ويحقق مصلحتهم عملا " بقاعدة لا ضرر ولا ضرار " على الأفراد الامتثال لما يحقق مصلحة الجماعة وترى اللجنة بعد إمعان النظر في واقع الأحوال أن مشكلة انخفاض عملة بعض البلاد ترجع أساسا إلى الخلل الاقتصادي العام وإلى فرض النظام الربوي غير الإسلامي في بلاد المسلمين وإلى الشطط في التغيير والتسعير دون مراعاة للواقع الاقتصادي واستئناسا " بما تقدم فإن الاتجار بالعملة إذا كان متسما بالاحتكار والاستغلال كان غير جائز شرعا "