الطلاق، وأكثر الحيض والنفاس ليعلم بذلك الفصل بينه وبين دم الاستحاضة. وأما أكثر الطهر فلا حد له لأن المرأة ما دامت طاهرة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها طال زمان ذلك أو قصر. فأما أقل الطهر فاختلف فيه على أربعة أقوال:
أحدها قول ابن الماجشون وروايته عن مالك أن أقله خمسة أيام، فكلما قل الطهر كثر الحيض، وكلما قل الحيض كثر الطهر. وهو قول ضعيف لأنه يقتضي أن المرأة قد تحيض أكثر من نصف دهرها وذلك يرده الأثر.
والثاني قول سحنون وهو دليل المدونة على ما تأوله ابن أبي زيد إن أقله ثمانية أيام.
والثالث رواية التونسي عن مالك ورواية أصبغ عن ابن القاسم أن أقله عشرة أيام.
والرابع قول محمد بن مسلمة أن أقله خمسة عشر يوما. وهذا القول الرابع له حظ من القياس، وهو أن الله تبارك وتعالى جعل عدة الحرائر ذوات الأقراء في الطلاق ثلاثة قروء فقال:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] وجعل عدة اليائسة من المحيض ثلاثة أشهر فقال: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤] فجعل بإزاء كل شهر طهرا وحيضا، فلا يخلو ذلك من أربعة أقسام: أحدها أن يكون أكثر الحيض وأكثر الطهر. والثاني أن يكون أقل الطهر وأقل الحيض. والثالث أن يكون أكثر الطهر وأقل الحيض. والرابع أن يكون أقل الطهر وأكثر الحيض. فأكثر الطهر وأكثر الحيض أو أقل الطهر وأقل الحيض لا يصح؛ لأن الطهر لا حد لأكثره، وأقل الطهر وأقل الحيض لا يصح؛ لأن أقل الطهر أكثر ما قيل فيه خمسة عشر يوما، وأقل الحيض أكثر ما قيل فيه خمسة أيام، فيبقى من الشهر عشرة أيام. فإذا بطلت هذه الثلاثة الأقسام لم يبق إلا القسم الرابع وهو أن يكون بإزاء الشهر أقل الطهر وأكثر