لحيان. خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مطالبا بثأر عاصم بن ثابت وحبيب بن عدي وأصحابهما المقتولين بالرجيع، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال، فتمادى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مائتي راكب حتى نزل عسفان، وبعث فارسين من أصحابه بلغا كراع الغميم ثم كرا، ورجع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة. وفي هذه الغزوة قالت الأنصار: المدينة بائنة عنا وقد بعدنا عنها ولا نأمن عدونا أن يخالفنا إليهم، فأخبرهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن على أنقابها ملائكة، على كل نقب منها ملك يحجبها بأمر الله.
وفيها كانت غزوة ذي قرد. «لما رجع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوة بني لحيان لم يقم بالمدينة إلا ليالي وأغار على سرح المدينة عيينة بن حصن في بني عبد الله بن غطفان، فاكتسحوا لقاحا كانت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغابة وناقته العضباء، وكان فيها رجل من بني غفار وامرأة له، فقتلوا الغفاري وحملوا المرأة واللقاح. وكان أول من أنذرهم سلمة بن الأكوع كان ناهضا إلى الغابة، فلما أشرف على ثنية الوداع نظر إلى خيل الكفار فصاح وأنذر المسلمين، ووقعت الصيحة بالمدينة، فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فرس لأبي طلحة وقال:"إن وجدته لبحرا". وانهزم المشركون، وبلغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماء يقال له ذو قرد، فأقام عليه يوما وليلة. ولما نام القوم في ليلة قامت امرأة الغفاري المقتول فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا رغا حتى أتت العضباء فإذا هي ناقة ذلول، فركبتها ونذرت إن أنجاها الله عليها لتنحرنها. فلما قدمت المدينة عرفت ناقة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبر بذلك، فأرسل إليها فجيء بها وبالمرأة، فقالت يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بئس ما جازيتها لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم؛ وأخذ ناقته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».
وفيها كانت غزوة بني المصطلق. غزاهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأغار عليهم وهم غارون على