في غرة ربيع الأول. وكانت حصونا كثيرة فافتتحها حصنا حصنا، فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، ثم القموص حصن ابن أبي الحقيق، ومن سباياه كانت «صفية أعتقها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتزوجها وجعل عتقها صداقها». واختلف أهل العلم في ذلك، وهي مسألة قد ذكرنا تحصيل القول فيها في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح من شرح العتبية. وآخر ما افتتح من حصونهم الوطيح والسلالم. حاصرهم بضع عشرة ليلة فسألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسيرهم ويحقن دمائهم ففعل. فقيل في هذين الحصنين إنهما افتتحا بصلح فلم يكن فيهما خمس ولا كان لأحد فيهما مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيء، فقطع لأزواجه منهما. وكذلك الكتبية قيل فيها إنها كانت صلحا صافية لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كبني النضير وفدك، وقيل إنها كانت عنوة كلها. وقد ذكرنا الاختلاف في ذلك وفي حكم أرض العنوة في سماع أشهب من كتاب الجهاد من شرح العتبية وذكرنا في الجزء الرابع من شرح الجامع منها جملا مما جرى في افتتاحها.
وفي هذه الغزوة حرم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحمر الأهلية.
وفيها «أهدت اليهودية زينب بنت سلام بن مشكم لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشاة المصلية، وسمت له منها الذراع وكان أحب اللحم إليه. فلما تناول الذراع ولاكها لفظها ورمى بها وقال: هذا العظم يخبرني أنه مسموم ودعا باليهودية فقال ما حملك على هذا فقالت أردت أن أعلم إن كنت نبيا وعلمت أن الله أراد بقاءك أعلمك فلم يقتلها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأكل معه بشر بن البراء بن معرور فمات من أكلته تلك». وكان المسلمون يوم خيبر ألفا وأربعمائة رجل ومائتي فارس.
وفيها كان فتح فدك وذلك أنه لما اتصل بأهلها ما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأهل خيبر بعثوا إليه ليؤمنهم ويتركوا الأموال، فأجابهم إلى ذلك. فكانت فدك مما لم