يوجف عليه بخيل ولا ركاب أفاءها الله عز وجل على رسوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بما خصه به من الرعب، فلم يقسمها ووضعها حيث أمره الله تعالى.
وفيها كان فتح وادي القرى. وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انصرف من خيبر فافتتحها عنوة وقسمها، وأصيب بها غلام أسود يسمى مدعم بسهم غرب فقتله. والحديث بذلك في الموطأ بكماله.
وفيها كانت عمرة القضاء. وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجع من خيبر إلى المدينة فأقام فيها شهري ربيع وشهري جمادى ورجب وشعبان ورمضان وشوال، وبعث في خلال ذلك السرايا. من ذلك غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من مشارف الشام. وقد ذكرنا في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية بعض ما جرى في هذه الغزوة. ثم خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذي القعدة قاصدا إلى مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية. فلما اتصل ذلك بقريش خرج أكابرهم من مكة عداوة لله ولرسوله- عَلَيْهِ السَّلَامُ - ولم يقدروا على الصبر في رؤيته يطوف بالبيت هو وأصحابه. فدخل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة وأتم الله له عمرته، وقعد بعض المشركين بقعيقعان ينظرون إلى المسلمين وهم يطوفون بالبيت، فأمرهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرمل ليرى المشركون أن بهم جلدا وقوة، وكانوا قد قالوا في المهاجرين إن حمى يثرب قد وهنتهم. وتزوج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عمرته تلك ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، وهي خالة عبد الله بن عباس، وأختها أم الفضل عند العباس قيل قبل أن يحرم بعمرته، وقيل وهو محرم بها، وقيل بعد أن حل منها. فلما تمت الثلاثة الأيام أوصت إليه قريش أن يخرج عن مكة ولم يمهلوه أن يبني بها، فخرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبنى بها بسرف.
وفيها «بعث عبد الله بن حذافة إلى كسرى عظيم الفرس بكتاب فمزقه فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مزق الله ملكه فأجيبت دعوته».