بذلك ونزع الخلقين: ماله ضرب الله عنقه أليس هذا خيرا له». وقال عمر بن الخطاب: إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب، وقال: إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم. ويوجد في التوسعة على أهله في الإنفاق. وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حتى ما تجعله في فِيّ امرأتك». ففي هذا كله بيان واضح على أن وجود المال خير من عدمه؛ لأنه إذا عدمه لم ينتفع بعدمه، وإذا وجده انتفع بوجوده، إما باستمتاع مباح غير مكروه لا أجر له فيه، وإما باستمتاع مندوب إليه له فيه أجر، إلى ما يفعل منه من الخير الواجب والتطوع.
وإنما قلت: إن الفقر أفضل فيه عما يحتاج إليه، فأغناه ذلك عن الكدح والتصرف فيما يحتاج إليه. والفقير يؤجر من وجهين حسبما ذكرناه. واستدل من ذهب إلى أن الفقر أفضل من الغنى بقول الله عز وجل:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠] ولا دليل لهم فيه، لأن الأغنياء يشاركونهم في الصبر، والأجور في الأعمال على قدر النيات فيها. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله قد أوقع أجر العبد على قدر نيته» ومقدار النيات لا يعلمها إلا المجازي عليها. وبما روي من أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء. ولا دليل لهم فيه، إذ ليس على عمومه، للعلم الحاصل بأن طائفة من الأغنياء المسلمين كعبد الرحمن بن عوف،