على قدر النيات في ذلك المعنى، ولا يعلم قدرها إلا المجازي عليها، فوجب الوقوف على ذلك لاحتمال أن يؤجر الفقير على معنى واحد لقوة نيته فيه أكثر مما يؤجر الغني على معان كثيرة لضعف نيته فيها. وهذا صحيح مع التعيين، فلا يصح أن نقول: إن أجر فلان في غناه أكثر لكثرة ما يفعل منه من الخير، أو أكثر من أجر فلان في فقره لصبره ورضاه بما قسم الله له من ذلك، ولا: إن أجره في فقره بصبره ورضاه بما قسم الله له من ذلك أكثر من أجر فلان في غناه على ما يفعل منه من الخير.
وأما في الجملة فالغنى أفضل من الفقر على ما بيناه من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأما من فضل الكفاف على الفقر أو على الغنى فلا وجه له في النظر والله أعلم.
وأما الفقير الذي لا يقدر أن يقوم بما يحتاج إليه حتى يسأل فالغني أفضل منه قولا واحدا والله أعلم لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اليد العليا خير من اليد السفلى»؛ لأن اليد العليا هي المنفقة والسفلى السائلة. وقد استعاذ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفقر المنسي كما استعاذ من الغنى المطغي وبالله التوفيق.