مستتر أو مع من لا يستتر فلا يحل ولا يجوز، لأن ستر العورة فرض ومن فعل ذلك كان جرحة فيه.
والنساء في هذا بمنزلة الرجال. هذا هو الذي يوجبه النظر، لأن المرأة لا يجوز لها أن تنظر من المرأة إلا ما يجوز أن ينظره الرجل من الرجل، بدليل ما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال:«لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب». وما روي أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يفضين رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة» خرج الحديثين أبو داود. فجعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حكم المرأة مع المرأة فيما يجوز لها أن تنظر إليه منها كحكم الرجل فيما يجوز له أن ينظر إليه من الرجل.
وقد أجمع أهل العلم فيما علمت أن النساء يغسلن المرأة الميتة كما يغسل الرجل الرجل الميت، ولم يختلفوا في ذلك كما اختلفوا في غسل النساء ذوي محارمهن من الرجال، وفي غسل الرجل ذوات محارمه من النساء حسبما ذكرناه في رسم الجنائز والصيد والذبائح من سماع أشهب من كتاب الجنائز من العتبية. وقد قال ابن أبي زيد في الرسالة: ولا تدخل المرأة الحمام إلا من علة.
وقال عبد الوهاب في شرحها: هذا لما روي من أن الحمام محرم على النساء فلم يجز لهن دخوله إلا من عذر، ولأن المرأة ليست كالرجل لأن جميع بدنها عورة، ولا يجوز لها أن تظهر لرجل ولا امرأة. والحمام يجتمع فيه النساء ولا يمكن الواحدة أن تخليه لنفسها في العادة، فكره لها ذلك إلا من عذر. هذا نص قول عبد الوهاب وفيه نظر. أما ما ذكرناه من أن الحمام محرم على النساء فلا أعلمه نصا عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وقد ذكر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كتاب الجامع من المعونة أنه قال: «الحمام بيت لا ستر فيه لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخله إلا بمئزر،