ولا امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدخله إلا لعلة». فإن صح ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمعناه في دخولهن إياه على ما جرت به عادتهن من دخولهن إياه غير مستترات. وأما ما قاله من أن بدن المرأة لا يجوز أن يراه رجل ولا امرأة فليس بصحيح، إنما هو عورة على الرجل لا على المرأة، بدليل ما ذكرناه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما روي من أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح: إنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء المشركين فَانْهَ عن ذلك أشد النهي، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها.
وما اجتمع عليه العلماء من أن النساء يغسلن النساء كما يغسل الرجال الرجال. وإنما قال ابن أبي زيد: إن المرأة لا تدخل الحمام إلا من علة لما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال:«ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها: الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بإزار وامنعوا منها النساء إلا مريضة أو نفساء». وإنما أمر والله أعلم أن يمنع النساء من دخولها إلا مريضة أو نفساء؛ لأن إباحة ذلك لهن ذريعة إلى أن يدخلنه غير مئتزرات، لا من أجل أن عليهن إثما في دخولهن إياها مئتزرات. فدخول النساء الحمامات مكروه لهن غير محرم عليهن.
وعلى هذا يتأول ما روي في ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعن عائشة، من ذلك حديثها «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن دخول الحمامات ثم رخص للرجال أن يدخلوها بالميازر». فيتأول أنه إنما يرخص في ذلك للنساء بدليل هذا الحديث حماية للذرائع في دخولهن إياها بغير ميازر.
ومن ذلك ما «روي عنها أنها أتتها نساء من أهل الشام فقالت: لعلكن من أهل الكورة التي يدخل نساؤها الحمامات. قال: قلن نعم. قالت فإني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيتها فقد هتكت ما بينها وبين الله، أو ستر ما بينها وبين الله؛» لأنها إنما تكون قد هتكت سترها إذا وضعت ثيابها حيث لا تأمن أن