للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلع أحد من الرجال عليها مكشوفة الرأس والجسم أو تجردت عريانة وإن أمنت أن يطلع عليها أحد من الرجال إذ كان معها النساء في الحمام وشبهه. فقد قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء: إن هذا النهي إنما كان في الوقت الذي لم يكن للنساء حمام مفرد، فأما اليوم فقد زال ذلك فيجب أن يجوز.

وقد روي عن أم كلثوم قالت: أمرتني عائشة فطليتها بالنورة ثم طليتها بالحناء ما بين قرنها إلى قدمها في الحمام من حصر كان بها. قالت: فقلت لها ألم تكوني تنهي النساء عن الحمام؟ قالت: إني سقيمة، وأنا أنهى الآن أيضا ألا تدخل امرأة حماما إلا من سقم. فدل ذلك من قولها وفعلها أنها كرهت للنساء دخول الحمامات مستترات من غير تحريم ونهتهن عن ذلك ولم ترخص لهن فيه إلا من مرض. ولو كان عليهن حراما لما جاز في المرض، فهو لهن مع المرض جائز، ومع الصحة مكروه إذ كن مستترات متزرات؛ لأن بدن المرأة إنما عورة على الرجل لا على المرأة. وإنما اختلف في بدن الرجل هل هو عورة على المرأة، فقيل: إنه لا يجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلا إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من المرأة. والصحيح أنه يجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من ذوات محارمه، بدليل «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس: اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك» فلولا أنها في النظر إليه كحكم الرجل في النظر إلى ذوات محارمه لما أباح لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الاعتداد عنده، وهذا بين والله أعلم وبه التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>