على النجاسة وتفسد ما ولغت فيه فلا يتوضأ بالماء ولا يؤكل الطعام إلا أن يكون الماء كثيرا لقول عمر بن الخطاب لا تخبرنا يا صاحب الحوض فإنا نرد على السباع وترد علينا. غير أن ابن القاسم قال في الطعام إنه لا يطرح إلا بيقين لحرمتها وهو استحسان على غير قياس؛ لأن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لما أعلم بطهارة سؤر الهرة وبين أن العلة في ذلك طوافها علينا ومخالطتها لنا وجب باعتبار هذه العلة أن يكون ما عداها من السباع التي لا تخالطنا في بيوتنا محمولة على النجاسة، فلا يتوضأ بسؤرها ولا يؤكل بقيتها من الطعام وإن لم يوقن بنجاسة أفواهها في حين ولوغها. وقال علي بن زياد: الطعام والماء سواء إن رئي في مناقرها أذى طرح وإلا لم يطرح. وهو قول ابن وهب وأشهب إنها محمولة على الطهارة في الماء والطعام، فلا يطرح شيء من ذلك إذا ولغت فيه إلا أن يوقن بنجاسة أفواهها تعلقا بظاهر ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا». وتعلقا أيضا بظاهر قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لصاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا لما سأله عمرو بن العاص هل ترد حوضك السباع؟ وهذا لا حجة فيه؛ لأن الحياض ماؤها كثير فهي تحمل هذا القدر من النجاسة.
وأما الكلب فاختلف فيه اختلافا كثيرا من أجل الحديث الوارد بغسل الإناء من ولوغه فيه سبع مرات، فروى ابن وهب عن مالك أنه يغسل الإناء من ولوغه فيه سبع مرات كان طعاما أو ماء. فظاهر الرواية أن الطعام يطرح فحمله على النجاسة وجعله أشد من السباع. وجعله ابن القاسم أخف من السباع لأنه حمله فيها على الطهارة في الماء واللبن جميعا فقال إنه يؤكل الطعام ولا يتوضأ بالماء إلا من ضرورة، ويغسل الإناء سبع مرات في الماء خاصة تعبدا. وقال ابن الماجشون عن