مالك إنه يغسل سبعا من الماء واللبن جميعا، ويؤكل اللبن ويطرح الماء إلا أن يحتاج إليه، فإذا احتاج إليه توضأ به ولم يتيمم على مذهبه ومذهب ابن القاسم في المدونة، ثم لا إعادة عليه وإن وجد ماء غيره في الوقت. وقد روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنه مشكوك فيه يتوضأ به ويتيمم ويصلي، على مذهبه في الماء المشكوك فيه. فإن توضأ به ولم يتيمم أعاد في الوقت كما لو رأى في فيه نجاسة حين ولوغه فحمله على النجاسة كسائر السباع. قال وإن عجن بذلك الماء خبزا أو طبخ طعاما لم يأكله كان بدويا أو حضريا. وأما إن شرب من إناء فيه لبن فإنه يأكل اللبن ويشربه إن كان بدويا كان له زرع أو ماشية أو لم يكن، ثم يغسل الإناء سبع مرات للحديث، ويطرحه إن لم يكن بدويا. وقال أصبغ: أهل البادية وأهل الحاضرة في ذلك سواء، والماء واللبن سواء، يؤكل اللبن وينتفع بالماء إن احتيج إليه، ولا بأس بما صرف فيه من خبز وطبخ. وقال مطرف إن كان اللبن كثيرا أكله وإن كان يسيرا طرحه والبدوي والحضري في ذلك سواء. واختلف قول مالك في الحديث الوارد في الكلب، فمرة حمله على عمومه في جميع الكلاب، ومرة رآه في الكلب الذي لم يؤذن في اتخاذه. وتفرقة ابن الماجشون بين البدوي والحضري قول ثالث.
فيتحصل في سؤر الكلب أربعة أقوال: أحدها أنه طاهر، وهو الذي يأتي على قول ابن وهب وأشهب وعلي بن زياد أن السباع محمولة على الطهارة؛ لأن الكلب سبع من السباع، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك فيها على ما حكى عنه من أن الكلب ليس كغيره من السباع. والثاني أنه نجس كغيره من السباع، وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه لما جاء عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - من الأمر بغسل الإناء سبعا من ولوغه فيه. والثالث الفرق بين الكلب المأذون في اتخاذه وغير المأذون في اتخاذه وهو أظهر الأقوال؛ لأن علة الطهارة التي نص النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عليها في الهرة موجودة في الكلب المأذون في اتخاذه بخلاف الذي لم يؤذن في اتخاذه. والرابع الفرق بين البدوي والحضري،