للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ، إذْ الْغُسْلُ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النَّظَرِ، أَوْ الْمَسِّ الْمُحَرَّمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ثِيَابٍ سَابِغَةٍ وَبِحَضْرَةِ نَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْكَنَ غَمْسُهُ بِهِ لِيَصِلَ الْمَاءُ لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بُدَّ لَهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ قَبْلَ إزَالَتِهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ إلَيْهِ دُونَهَا وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمَةُ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُشْتَهَى يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِحِلِّ نَظَرِهِ وَمَسِّهِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْكَبِيرُ يُغَسِّلُهُ الْمَحَارِمُ مِنْهُمَا، فَإِنْ فُقِدُوا يُمِّمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَيِّتَ إلَّا أَجْنَبِيٌّ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلَهُ لِلْحَاجَةِ وَاسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَيُغَسَّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّهُ هُنَا يَحْتَمِلُ الِاتِّحَادَ فِي جِنْسِ الذُّكُورَةِ، أَوْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ أَخْذُهُمْ فِي بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَبِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ فِي ثِيَابِهِ وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إعَادَةُ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا خَاتِمَةُ طَهَارَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ. وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِأَجْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ثَمَّ غُسْلٌ وَلَا بَدَلُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّفْنِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي فَقْدِ الْغَاسِلِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى وَقْتٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ) : يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَأَمْكَنَ الصَّبُّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ بِلَا مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً: أَيْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَوْرَةِ، فَلَوْ عَمَّتْ بَدَنَهَا وَجَبَتْ إزَالَتُهَا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْغُسْلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ التَّكْفِينِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ التَّكْفِينِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَقْتَ جِمَاعِهِ لَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إزَالَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) أَيْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَغْسِيلُهُ لَا أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى غُسْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) أَيْ وَكَذَا مَنْ جُهِلَ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَأَنْ أَكَلَ سَبُعٌ مَا بِهِ يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلُهُ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْمَحَارِمِ. وَيَنْبَغِي اقْتِصَارُهُ عَلَى الْغُسْلِ الْوَاجِبِ دُونَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَدُونَ الْوُضُوءِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ النَّاشِرِيُّ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُغَسِّلُ الْخُنْثَى فَيُتَّجَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُغَسَّلُ: أَيْ الْخُنْثَى فَوْقَ ثَوْبٍ أَيْ وُجُوبًا. وَقَوْلُهُ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ زَادَ حَجّ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ حَيْثُ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ تَغْسِيلُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ غُسْلُهُ فِي ثَوْبٍ سَابِغٍ بِلَا نَظَرٍ وَلَا مَسٍّ وَجَبَ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ مَا سَبَقَ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ بِمَا لَوْ أَمْكَنَ إلْقَاؤُهُ فِي نَهْرٍ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ لِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ غُسِّلَ فِي ثَوْبٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ) أَيْ وُجُوبًا أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ يَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ وَبِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ الْوَاضِحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>