للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا أَنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الذِّمِّيَّ لَا الرَّجْعِيَّةَ فَلَا تُغَسِّلُهُ لِحُرْمَةِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الْبَائِنُ بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ الزَّوْجَةَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا عَكْسُهُ، كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَانْدَفَعَ رَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا (وَيَلُفَّانِ) أَيْ السَّيِّدُ فِي تَغْسِيلِ أَمَتِهِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي تَغْسِيلِ الْآخَرِ (خِرْقَةً) عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا (وَلَا مَسَّ) وَاقِعٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُ الْغَاسِلِ فَقَطْ أَمَّا وُضُوءُ الْمَغْسُولِ فَلَا لِمَا مَرَّ، لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ الشَّامِلِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا وَهَذَا فِي لَفٍّ مَنْدُوبٍ وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا فَلَا تَكْرَارَ، نَعَمْ الَّذِي يُتَوَهَّمُ إنَّمَا هُوَ تَكَرُّرُ هَذَا مَعَ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ غَاسِلٍ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ فِي سَائِرِ غُسْلِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ الْمَسِّ وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ.

(فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) هَا (إلَّا أَجْنَبِيٌّ، أَوْ) لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا (أَجْنَبِيَّةٌ) (يُمِّمَ) أَيْ الْمَيِّتُ حَتْمًا (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا إلْحَاقًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَاسْتَرْضَيْت الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِالْغُسْلِ وَتَوَلَّيْنَا غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا بِحَيْثُ تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ التَّغْسِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ الْجَوَازِ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ، وَأَنَّ شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ اعْتَمَدَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ إلَّا أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) مُعْتَمَدٌ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ قُبَيْلَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ لَا يَحْسُنُ فَالْمَسُّ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ، أَمَّا فِيهَا فَحَرَامٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ (قَوْلُهُ: فَلَا لِمَا مَرَّ) أَيْ فَلَا يُنْتَقَضُ وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا) وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ وَكَرَاهَةُ مَسِّ مَا عَدَاهَا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ هُنَا عَنْ الشَّارِحِ جَوَازَ مَسِّ الْعَوْرَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ النَّدْبِ مُخَصَّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ثَمَّ وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا، فَيَكُونُ الْمَسُّ وَلَوْ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَهُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَجْنَبِيٌّ) قَالَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ كَبِيرٌ وَاضِحٌ وَالْمَيِّتُ امْرَأَةٌ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَهُ. قَالَ سم عَلَيْهِ: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخُنْثَى وَلَوْ كَبِيرًا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ يُغَسِّلُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْقِيَاسُ عَلَى عَكْسِهِ: أَيْ مَنْ لَهُمَا تَغْسِيلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: يُمِّمَ) أَيْ بِحَائِلٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ أَمْ لَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: جَزَمَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ كَالْغُسْلِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا) أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ، ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا يَأْتِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَعُلِمَ هَذَا مِنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فِي التَّقْدِيمِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ غَيْرَ هَذَا فَفِي أَيِّ مَحَلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي الْعَوْرَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي السَّوْأَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>