لَهُ بِالْمَرْأَةِ.
(وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُنَّ مَمْلُوكَاتٌ لَهُ فَأَشْبَهْنَ الزَّوْجَةَ، بَلْ أَوْلَى لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ مَعَ الْبُضْعِ، وَالْكِتَابَةُ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ مَا لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّاةُ مِنْهُنَّ مُتَزَوِّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ بِالْأَوْلَى، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْمُسْتَبْرَأَةُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ بِالسَّبْيِ وَالْأَصَحُّ حِلُّ التَّمَتُّعَاتِ بِهَا مَا سِوَى الْوَطْءِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: تَحْرِيمُ غُسْلِهَا لَيْسَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ لِتَحْرِيمِ بُضْعِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَأَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِأَجْنَبِيٍّ.
. (وَ) يُغَسِّلُ (زَوْجَتَهُ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رِجَالُ مَحَارِمِهَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَكَحَ أُخْتَهَا، أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ " وَصَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: مَا ضَرُّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَتِمَّةُ الْخَبَرِ «إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا» ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَا ضَرُّك إلَى آخِرِهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ (وَهِيَ) تُغَسِّلُ (زَوْجَهَا) بِالْإِجْمَاعِ وَلِمَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا الْمَذْكُورُ وَقْتَ غُسْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْعَظِيمِ؛ وَلِأَنَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ يَحِلُّ لَهُنَّ نَظَرُهُ حَالَ حَيَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعٍ عَقِبَ مَوْتِهِ وَلَا لِنِكَاحِهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خِيفَ الْفِتْنَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ لَا الْعَكْسُ، فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَنْ تُغَسِّلَ سَيِّدَهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا: بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَالْمُرَادُ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ مَاتَتْ مَنْ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ وَكَمَا لَا يُغَسِّلُ زَوْجَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ لَا تُغَسِّلُهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا) وَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهَا بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ مِتّ أَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ، فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ أَوْ طَلَبُ مُسْتَحِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ يَرُدُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَوْلَهَا اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ظَهَرَ لَهَا أَنَّ نِسَاءَهُ كُنَّ أَحَقَّ بِغُسْلِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ، وَهُوَ لَا يُطَابِقُ الْمَقْصُودَ مِنْ أَنَّ غُسْلَهُنَّ جَائِزٌ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ أَحَقَّ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَالتَّقَدُّمِ، فَصَرَفَ عَنْ التَّقَدُّمِ صَارِفٌ فَبَقِيَ أَصْلُ الْجَوَازِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَقُولُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي إلَخْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ) هَذَا قَدْ يُنْتِجُ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَا ضَرَّكِ دَلِيلُ الْجَوَابِ، وَلَيْسَ الْجَوَابُ قَوْلَهُ فَغَسَّلْتُك إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْعِلَّةِ بَعْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute