للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يُعْطَى وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذَا الْمَقَامَ حَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُؤَلَّفَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ (وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مُحْرِمًا (ثَلَاثَةٌ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ (وَيَجُوزُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (رَابِعٌ وَخَامِسٌ) ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابنا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ، نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمَكْرُوهَةٌ لَا مُحَرَّمَةٌ.

نَعَمْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبٌ فَلَا (وَ) الْأَفْضَلُ (لَهَا) وَلِلْخُنْثَى (خَمْسَةٌ) مِنْ أَثْوَابٍ لِزِيَادَةِ السَّتْرِ فِي حَقِّهَا وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَالْخُنْثَى مُلْحَقٌ بِهَا كَمَا مَرَّ (بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ) كُلُّهَا (لَفَائِفُ) مُتَسَاوِيَةٌ طُولًا وَعَرْضًا يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ وَوَجْهِ الْمُحْرِمَةِ: أَيْ الْأَفْضَلُ فِيهَا ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى أَوْسَعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ مُتَفَاوِتَةٌ.

وَقَوْلُهُ لَفَائِفُ هَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ مَفْهُومٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً عَلَى هَيْئَةِ لَفَائِفَ، لَا يُجَابُونَ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فَيُجَابُونَ؟ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا إلَى تَنْقِيصِ الْمَيِّتِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِهِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فِي كَفَنِهِ (وَإِنْ كُفِّنَ) ذَكَرٌ (فِي خَمْسَةٍ زِيدَ قَمِيصٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (وَعِمَامَةٌ تَحْتَهُنَّ) أَيْ اللَّفَائِفِ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مَخِيطًا (وَإِنْ كُفِّنَتْ) أَيْ امْرَأَةٌ (فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ) أَوَّلًا (وَخِمَارٌ) وَهُوَ مَا يُغَطَّى الرَّأْسُ بِهِ (وَقَمِيصٌ) قَبْلَ الْخِمَارِ (وَلِفَافَتَانِ) بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثُ لَفَائِفَ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ) أَيْ وَاللِّفَافَةُ الثَّالِثَةُ بَدَلُ الْقَمِيصِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ لَهَا كَالثَّلَاثَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي كَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السَّابِغِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَحْرَمًا) أَيْ أَوْ ذِمِّيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: سُحُولِيَّةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا اهـ دَمِيرِيٌّ.

زَادَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَوْلِهِ سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالسَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَكْثَرُ فِي الرِّوَايَاتِ مَنْسُوبَةٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقَصَّارُ لِأَنَّهُ يُسْحِلُهَا: أَيْ يَغْسِلُهَا، وَإِلَى سَحُولٍ قَرْيَةٍ بِالْيُمْنِ وَبِالضَّمِّ جَمْعُ سُحُلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ، وَفِيهِ شُذُوذٌ لِأَنَّهُ نَسَبٌ إلَى الْجَمْعِ، وَقِيلَ اسْمُ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيْضًا، وَالْكُرْسُفُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ الْقُطْنُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِيًا طُولًا وَعَرْضًا) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَنْقُصُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا عَنْ سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَهِيَ لَفَائِفُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَمِيصُ أَوْ الْمَلُوطَةِ عَنْ إحْدَاهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لَمْ يَأْتِي عَنْ الْإِسْعَادِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَفْضَلُ فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْسَعُ) هَذَا وَإِنْ ظَهَرَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ مُتَسَاوِيًا طُولًا وَعَرْضًا، وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ هَذَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَبْسُطُ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَوْسَعُهَا إنْ اتَّفَقَ لِمَا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِفَافَتَانِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ ثَوْبٌ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ ثَدْيَاهَا عِنْدَ الْحَمْلِ فَتَنْتَشِرَ الْأَكْفَانُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ لَيْسَ مِنْ الْأَكْفَانِ يُشَدُّ فَوْقَهَا وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ اهـ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ.:

قَوْلُهُ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الثَّدْيَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ الْبَدَنَ وَلَا مُعْظَمَهُ، ثُمَّ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِنَحْوِ عِصَابَةٍ قَلِيلَةِ الْعَرْضِ يَمْنَعُ الشَّدُّ بِهَا مِنْ الِانْتِشَارِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يُعَدُّ إزْرَاءٌ، وَأَنَّ الْمَسْنُونَ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ صَدْرِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي عَدَمِ ظُهُورِ الثَّدْيَيْنِ، وَيُؤْخَذُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>