للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلرَّجُلِ وَالْقَمِيصُ لَمْ يَكُنْ فِي كَفَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُسَنُّ) الْكَفَنُ (الْأَبْيَضُ) لِخَبَرِ «كَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» السَّابِقِ فِي الْجُمُعَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَغْسُولَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ.

(وَمَحَلُّهُ) الْأَصْلِيُّ الَّذِي يَجِبُ مِنْهُ كَسَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (أَصْلُ التَّرِكَةِ) كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا فَكَفَنُهَا وَنَحْوُهُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي، وَيُجَابُ مَنْ قَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ أُكَفِّنُهُ مِنْ التَّرِكَةِ لَا مَنْ قَالَ أُكَفِّنُهُ مِنْ مَالِي دَفْعًا لِلْمِنَّةِ عَنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يُكَفَّنُ فِيمَا تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قِبَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ لَهُمْ إبْدَالُهُ كَمَا قَالَاهُ فِي الْهِبَةِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْصَدُ تَكْفِينَهُ لِصَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي غَيْرِهِ رَدُّوهُ لِمَالِكِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَخْذُهُ وَتَكْفِينُهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ وَضَاعَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ لَزِمَهُمْ إبْدَالُهُ مِنْهَا، فَلَوْ قُسِمَتْ لَمْ يَلْزَمُهُمْ لَكِنْ يُسَنُّ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ كُفِّنَ أَوَّلًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا ثَدْيٌ يَنْتَشِرُ لَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْكَفَنُ الْأَبْيَضُ) وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ الْآنَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِي التَّكْفِينِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ أَوْصَى بِغَيْرِ الْأَبْيَضِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لَا تَنْفُذُ، وَكَتَبَ أَيْضًا: وَيُسَنُّ الْكَفَنُ الْأَبْيَضُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْخِطَابُ فِي الْخَبَرِ الْآتِي فِي مَوْتَاكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَشْمَلُ الذِّمِّيِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ

(قَوْلُهُ: فَكَفَنُهَا وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ مُؤْنَةِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ، بِخِلَافِ الْحَنُوطِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: دَفْعًا لِلْمِنَّةِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّكْفِينِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَا يُكَفَّنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَبِلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ إنْ كَانُوا أَهْلًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي غَيْرِهِ رَدُّوهُ) أَيْ وُجُوبًا لِمَالِكِهِ أُخِذَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَخْصٌ يُؤْتَى لَهُ بِأَكْفَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَمَا فَضَلَ رُدَّ لِمَالِكِهِ مَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ الْمَالِكُ لِلْوَارِثِ، أَوْ تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الْوَارِثَ دُونَ الْمَيِّتِ، فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ تَكْفِينَهُ فِي الْجَمِيعِ جَازَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الدَّافِعِينَ بِذَلِكَ كَنَحْوِ اعْتِقَادِهِمْ صَلَاحَ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ بِاخْتِيَارِ الْوَارِثِ وَفُعِلَ فِي الْبَاقِي مَا سَبَقَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَالِكِ لَهُ إلَّا أَنْ تَبَرَّعَ بِهِ إلَخْ، وَلَا يَكْفِي فِي عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لِنَحْوِ مَا ذُكِرَ لَا يَرْجِعُ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى رِضَا الدَّافِعِ بِعَدَمِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ إلَّا يَقْصِدُ تَكْفِينَهُ (قَوْلُهُ وَضَاعَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ إبْدَالُهُ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا انْكَشَفَ الْقَبْرُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا بِالتُّرَابِ فَلَا وُجُوبَ بَلْ يَحْرُمُ النَّبْشُ كَمَنْ دُفِنَ ابْتِدَاءً بِلَا تَكْفِينٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ فَسْقِيَّةً فَوَجَدَ بَعْضَ أَمْوَاتِهَا بِلَا كَفَنٍ لِنَحْوِ بَلَائِهِ وَجَبَ سَتْرُهُ وَامْتَنَعَ سَدُّهَا بِدُونِ سَتْرِهِ، وَيَكْفِي وَضْعُ الثَّوْبِ عَلَيْهِ وَلَا يَضُمُّ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا أَمْكَنَ لَفُّهُ فِي الْكَفَنِ بِلَا إزْرَاءٍ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَى إزْرَاءٍ كَأَنْ تَقَطَّعَ أَوْ خُشِيَ تَقَطُّعُهُ بِلَفِّهِ.

قَالَ م ر: وَتَجِبُ إعَادَةُ الْكَفَنِ كُلَّمَا بَلِيَ وَظَهَرَ الْمَيِّتُ، وَالْوُجُوبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ أَبَدًا لَوْ كَانَ حَيًّا، هَذَا مَا قَرَّرَهُ م ر فِي دَرْسِهِ، فَقُلْت لَهُ: هَلَّا وَجَبَ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَامْتَنَعَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُمْ إنَّهُ إذَا سُرِقَ الْكَفَنُ بَعْدَ السِّمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَكْفِينُهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ حَيًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَقُلْت لَهُ هَلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي الْحَيَاةِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَخْ.

وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ إعَادَةُ الْكَفَنِ كُلَّمَا إلَخْ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ ظُهُورِ عِظَامِ الْمَوْتَى مِنْ الْقُبُورِ لِانْهِدَامِهَا أَوْ نَحْوِهِ يَجِبُ فِيهِ سَتْرُهُ وَدَفْنُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ كَانَ وَعُرِفَ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قُسِّمَتْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ) شَيْءٌ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ عَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: إذَا) بِمَعْنَى إذْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>