حِينَئِذٍ الْجُزْءُ الْأَعْظَمُ مِنْ الطِّيبِ لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَتُهُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي أُصُولِ الْحَنُوطِ.
وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتُحِبَّ أَنْ يُطَيِّبَ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِالْكَافُورِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّيهِ وَيَشُدُّهُ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي خَمْسَةٍ جُعِلَ بَيْنَ كُلِّ ثَوْبَيْنِ حَنُوطٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا) أَيْ اللَّفَائِفِ بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ وَيُجْعَلُ يَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ أَوْ يُرْسَلَانِ فِي جَنْبِهِ، أَيَّمَا فَعَلَ مِنْهُمَا فَحَسَنٌ (وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) لِدَفْعِهِ الْهَوَامَّ وَشَدِّهِ الْبَدَنَ وَتَقْوِيَتِهِ، وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِنَحْوِ عُودٍ أَوَّلًا (وَتُشَدُّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ دَسِّ قُطْنٍ حَلِيجٍ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ بَيْنَ أَلْيَيْهِ حَتَّى تَصِلَ الْخِرْقَةُ لِحَلْقَةِ الدُّبُرِ فَيَشُدَّهَا وَيُكْرَهُ إيصَالُهُ دَاخِلَ الْحَلْقَةِ.
وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ تَحْرِيمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لِعُذْرٍ فَلَا انْتِهَاكَ، وَتَكُونُ الْخِرْقَةُ مَشْقُوقَةَ الطَّرَفَيْنِ وَتُجْعَلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ (وَيُجْعَلُ عَلَى) كُلِّ مَنْفَذٍ مِنْ (مَنَافِذِ بَدَنِهِ) ، وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ (قُطْنٌ) حَلِيجٌ مَعَ كَافُورٍ وَحَنُوطٍ دَفْعًا لِلْهَوَامِّ عَنْ النَّافِذِ كَالْجَبْهَةِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالدُّبُرِ وَالْجِرَاحَاتِ النَّافِذَةِ، وَإِكْرَامًا لِلْمَسَاجِدِ كَالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَبَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَأَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ (وَتُلَفُّ عَلَيْهِ) بَعْدَ ذَلِكَ (اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يُثْنَى الطَّرَفُ الْأَيْسَرُ ثُمَّ الْأَيْمَنُ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونُ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدُّ) عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ بِشِدَادٍ يَشُدُّهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا تَنْتَشِرَ عِنْدَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِأَنَّهُ يُشَبَّهُ بِعَقْدِ الْإِزَارِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الصَّدِيدِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ مِنْ الثِّيَابِ مَا فِيهِ زِينَةٌ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زِينَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ (فَإِذَا وُضِعَ) الْمَيِّتُ (فِي قَبْرِهِ نُزِعَ الشِّدَادُ) عَنْهُ تَفَاؤُلًا بِحَلِّ الشَّدَائِدِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ (وَلَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُهُ (وَلَا يَسْتُرُ رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَ الْمُحْرِمَةِ) وَلَا كَفَّاهَا بِقُفَّازَيْنِ: أَيْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُعِدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ حِلٍّ أَوْ أَثَرٍ ذِي صَلَاحٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: أَيَّمَا فَعَلَ مِنْهُمَا فَحَسَنٌ) أَيْ فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ جَعْلُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَوْلَى مِنْ إرْسَالِهِمَا لِأَنَّ جَعْلَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَبْعَدُ عَنْ الْعَبَثِ بِهِمَا، وَلِمَا قِيلَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ وَالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ إلَخْ) أَيْ ثَلَاثًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قُطْنٌ حَلِيجٌ) أَيْ مَنْدُوفٌ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا فِيمَا يَظْهَرُ إكْرَامًا لِمَوَاضِع السُّجُودِ مِنْ حَيْثُ هِيَ (قَوْلُهُ: وَإِكْرَامًا لِلْمَسَاجِدِ) أَيْ مَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُثْنَى الطَّرَفُ الْأَيْسَرُ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيْ فَوْقَ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: نُزِعَ الشِّدَادُ عَنْهُ) وَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَنْزِعُ الشِّدَادَ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يُلْحِدُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً فَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا النِّسَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَدْخُلَهُ الْقَبْرَ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حِلُّ نَزْعِ جَمِيعِ الشِّدَادِ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ اسْتِثْنَاءُ مَا شُدَّ بِهِ الْأَلْيَانِ فَلَا يُنْزَعُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ) لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّفَاؤُلُ بِزِيَادَةِ الرَّاحَةِ لَهُ بَعْدُ فَنَزَلَ مَا انْتَفَى عَنْهُ مِنْ عَدَمِ الرَّاحَةِ مَنْزِلَةَ رَفْعِ الشَّدَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ يُحَرَّمُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفُوا وَفَعَلُوا وَجَبَ الْكَشْفُ مَا لَمْ يُدْفَنْ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُعِدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ أَوْهَمَ الْكَرَاهَةَ عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي إعْدَادِ الْقَبْرِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَأَرَادَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ قَوْلَهُ بَعْدُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ أَيْ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَعَدَّ لَهُ قَبْرًا يُدْفَنُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لِلِاعْتِبَارِ بِخِلَافِ الْكَفَنِ.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ: أَيْ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَسْبِقَهُ إلَى الدَّفْنِ فِيهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لَهُ لِأَجْلِ حَفْرِهِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ) أَيْ لَا عَلَى اكْتِسَابِهِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا لَهُ مُطْلَقًا يُحَاسَبُ عَلَى اكْتِسَابِهِ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute