أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَحَبَّهَا، وَأَنَّهُ يَلْتَفِتُ فِي السَّلَامِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَشْهَرُ.
(الرَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) فَبَدَلُهَا فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَجَهَرَ بِهَا وَقَالَ: إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ.
وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ «السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً» ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ (قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ خَرَجَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ نَاسَبَ أَنْ يَعُدَّهُ عَقِبَ ذِكْرِهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدُّدِهِ) أَيْ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَتَى بِهَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى غَائِبٍ (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) .
[فَرْعٌ] لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ وَلَا قِرَاءَةُ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ، وَكَذَا تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ وُقُوفِهِ سَاكِتًا اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ.
وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، وَقَوْلُ سم فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ: أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَيُكَرِّرَهُ، أَوْ يَأْتِيَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي يُقَالُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَكِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَمَّا يُقَالُ بَعْدَهَا، وَلَا يُقَالُ إنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الدُّعَاءِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَا أَتَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: فَبَدَلُهَا) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اُنْظُرْ هَلْ يَجْرِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْهُ وَجَبَ بَدَلُهُ فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِبَدَلِهِ قِرَاءَةٌ أَوْ ذِكْرٌ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مَعَهُ فِيهِ نَظِيرٌ، وَالْمُتَّجَهُ الْجَرَيَانُ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ أَوْ ارْحَمْهُ، فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ وَتَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَقَرَأَ الشَّافِعِيُّ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ الْأُولَى، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ، إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِيهَا عَقِبَ الْأُولَى وَإِلَّا فَتَتَعَيَّنَ عَلَى مَا مَرَّ لسم عَنْ م ر فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ مُوَافِقٌ فِي الْجِنَازَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِرّ: اُنْظُرْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا النُّورِ الشبراملسي حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نَصُّهُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ سَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا