مَخْرَجَ الْمِثَالِ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ تَخَالُفَهُمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تِبْيَانِهِ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلَ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدَ وَالْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا لُزُومُ خُلُوِّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَبَاقِيهَا فِي أُخْرَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ (الْخَامِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِمَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هَلْ يَجِبُ حِينَئِذٍ التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبِ التَّكْبِيرَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَا أَفْهَمَهُ مَا مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ.
[فَرْعٌ] قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجَدَ الْوَجْهُ الْبُطْلَانُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِأَنَّهُ سُجُودٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَزِيَادَتُهُ مُبْطِلَةٌ م ر.
[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ: أَيْ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلًا أَوْ بَعْدَهَا بِتَمَامِهَا، لِأَنَّهُ يَأْتِي بِبَعْضِهَا قَبْلُ وَبِبَعْضِهَا بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهَا.
وَقَوْلُهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلَسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحَلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ وَعُصْبَةٍ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ إعَادَةُ مَا ذُكِرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلَسِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) مِنْ مَقُولِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ) أَيْ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَلَا تُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ عَنْ الشَّارِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَرِدْ عَنْ الشَّارِعِ مَنْعُهَا فِي غَيْرِ الْأُولَى، بَلْ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا سُنَّةٌ شُمُولُهَا لِكُلٍّ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَحَلًّا، وَعَلَيْهِ فَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الصَّلَاةُ) وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، زَادَ حَجّ: وَيُنْدَبُ السَّلَامُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي عُقَيْبِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْوَارِدُ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّلَاةِ أَفْضَلُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ، وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَنْ السَّلَامِ فِي غَيْرِ الْوَارِدِ.
[فَرْعٌ] لَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ وَكَبَّرَ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ تَحَقَّقَ خُلُوُّ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
سَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُسَلِّمُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ اهـ.
وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ حَتَّى فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَالْحَنَفِيِّ، إذْ لَا فَرْقَ نَظَرًا إلَى مَا وَجَّهَ بِهِ الشَّيْخُ أَبْقَاهُ اللَّهُ، أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى عَدَمِ اعْتِقَادِ الْإِمَامِ فَرْضِيَّةَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْبَسْمَلَةِ، وَأَمَّا مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَكَأَنَّهُ نَوَى صَلَاةً بِلَا قِرَاءَةٍ فَنِيَّتُهُ غَيْرُ صَحِيحَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ