أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا» وَلِأَنَّهُ أَرْجَى لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ) فِيهَا كَغَيْرِهَا وَأَوْلَى لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَقِبَهَا، وَالْحَمْدِ لِلَّهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالدُّعَاءِ وَالْحَمْدِ لَكِنَّهُ أَوْلَى كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهَا تَجِبُ وَهُوَ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ (السَّادِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ) بِخُصُوصِهِ نَحْوُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ؛ لِخَبَرِ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَكُونُ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَدَامَ إلَى مَوْتِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ التَّعَبُّدُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وُجُوبُ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ وَقَبْلَ الرَّابِعَةِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ إلَّا مُجَرَّدُ الِاتِّبَاعِ اهـ.
(السَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الْقِيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَمْدًا ثُمَّ رَكَعَ (قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُجْزِئُ هُنَا مَا يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الْحَاشِرِ وَالْمَاحِي وَنَحْوِهِمَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعُبَابِ فَقَالَ: وَأَقَلُّهَا كَمَا فِي التَّشَهُّدِ اهـ (قَوْلُهُ: كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أَيْ بِنَحْوِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) هُمَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ: السَّادِسُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ) وَظَاهِرُ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ لَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا بِنَحْوِ اللَّهُمَّ احْفَظْ تَرِكَتَهُ مِنْ الظَّلَمَةِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ قُطِعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَتَزِيدُ مَرْتَبَتُهُ فِيهَا بِالدُّعَاءِ لَهُ كَالْأَنْبِيَاءِ اهـ حَجّ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: قُلْت لَوْ أَنَّ شَخْصَيْنِ وُلِدَا مَعًا مُلْتَصِقَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ الْحَيَّ وَجَبَ فَصْلُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ الْمُمْكِنُ مِنْ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ الدَّفْنُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهُ، فَإِنْ سَقَطَ وَجَبَ دَفْنُ مَا سَقَطَ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَكَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ غُسِّلَا مَعًا وَكُفِّنَا مَعًا وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِمَا مَعًا وَدُفِنَا، هَذَا الْقَوْلُ الظَّاهِرُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ فَصْلُهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى وَأَمْكَنَ فَصْلُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلْنَا مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ، وَيُرَاعَى الذَّكَرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا مُلْصَقًا بِظَهْرِ الْآخِرِ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا بِالصَّلَاةِ لِلْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ اسْتَدْبَرَ مَنْ صَلَّى الْقِبْلَةَ وَأَحْرَمَ الْآخَرُ إلَيْهَا وَصَلَّى.
أَقُولُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْحَيِّ صَحِيحَةٌ وَإِنْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ مَا فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ حُبِسَ الْحَيُّ فِي مَكَان نَجِسٍ، وَإِذَا فُصِلَ الْمَيِّتُ بَعْدُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَيِّ قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ نَجَاسَةً فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْدِنِهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الظَّاهِرِ إلَّا مَا دَامَ صَاحِبُهَا حَيًّا، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِتَنْزِيلِهِ مِنْهُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: السَّابِعُ لِلْقِيَامِ) أَيْ وَلَوْ مُعَادَةً، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ
[حاشية الرشيدي]
حَيْثُ كَانَ نَاشِئًا عَنْ عَقِيدَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: عَقِبَهَا) بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّعَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ هُنَا، بَلْ ذَهَبَ الشِّهَابُ حَجّ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الدُّعَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَجِيهٌ لِيَخْتِمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ) وَسَيَأْتِي، اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute