للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلْحَاقُهَا بِالنَّفْلِ فِي التَّيَمُّمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْمُقَوِّمُ لِصُورَتِهَا فَفِي عَدَمِهِ مَحْوٌ لِصُورَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ إذَا صَلَّيَا مَعَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ، فَإِنْ عَجَزَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.

(وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) الْأَرْبَعِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَوَضْعُهُمَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ تَحْتَ صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَإِسْرَارُ الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَيْلًا كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ يُجَامِعُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ.

أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: إنَّمَا جَهَرْت (لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَعْنِي لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْقِرَاءَةَ مَأْمُورٌ بِهَا (وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا) أَيْ بِالْفَاتِحَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ لَيْلٍ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءُ فَيُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَهْرِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالسَّلَامِ: أَيْ الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْقِرَاءَةِ: أَيْ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (وَالْأَصَحُّ نَدْبُ التَّعَوُّذِ) لِكَوْنِهِ سُنَّةً لِلْقِرَاءَةِ فَاسْتُحِبَّ كَالتَّأْمِينِ وَلِقَصْرِهِ، وَيُسِرُّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (دُونَ الِافْتِتَاحِ) وَالسُّورَةِ لِطُولِهِمَا.

وَالثَّانِي نَعَمْ كَالتَّأْمِينِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَيَقُولُ) اسْتِحْبَابًا (فِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك إلَى آخِرِهِ) الْمَذْكُورُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَهُ لِشُهْرَتِهِ وَتَتِمَّتِهِ: خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا أَيْ نَسِيمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقِيَامِ عَنْ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقَارِنًا لِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَكَأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْهَا فِي الْوُجُودِ فَنَاسَبَ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّكْرِ، بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ السُّجُودِ ذَكَرَهُ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَحْوٌ لِصُورَتِهَا) فِي نُسْخَةٍ مَحْقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْقَطْعُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الصَّبِيُّ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ: وَصَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الرَّجُلِ أَوْ بَعْدَهُ تَقَعُ نَفْلًا.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ مِنْ الصَّبِيِّ مَعَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ فِي وَقْتِهَا، وَمَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا مِنْهُمَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْقِيَامُ لِلْقَادِرِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَنَّ وَلِيَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ وَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى الرَّفْعَ كَالْحَنَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا كَانَ مَسْنُونًا عِنْدَنَا لَا يُتْرَكُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ الْحَنَفِيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ فَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ إلَّا مَا نَصُّوا فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ.

وَأَمَّا تَرْكُ الْإِسْرَارِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ كَرَاهَتُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ: أَيْ مَسْلُوكَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ لَيْسَ سُنَّةً، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَّا احْتَاجَ لِلِاعْتِذَارِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ) تَبِعَهُ حَجّ فَقَالَ: يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ إذَا صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْآتِي: وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الدُّعَاءِ الثَّانِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَلِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَانَ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَالَ بِهِ أَيْضًا بَلْ تَقْدِيمَهُ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُمْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى جَوَابٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي الْخَبَرِ بِحِكْمَةِ الْجَهْرِ، وَهِيَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّهَا: أَيْ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ: أَيْ طَرِيقَةٌ: أَيْ لَا لِكَوْنِهَا مَنْدُوبَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>