اللَّبُونِ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ فَلَمْ يَجِبْ التَّقْوِيمُ بِالْأَنْفَعِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الشِّرَاءُ بِالْأَنْفَعِ لِيُقَوَّمَ بِهِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ (وَإِنْ مَلَكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ) كَأَنْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ (قُوِّمَ مُقَابِلُ النَّقْدِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا، وَهَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِجِنْسٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفِ الصِّفَةِ كَالصِّحَاحِ وَالْكِسْرَةِ إذَا تَفَاوَتَا (وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبِيدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَالْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَالْقِيمَةِ وَالْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ (وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً) أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَثَمَرٍ (فَإِنْ) (كَمُلَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ (نِصَابُ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ وَتِجَارَةٍ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ شَاةً لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَأَقَلُّ قِيمَتِهَا نِصَابٌ (وَجَبَتْ) زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ (أَوْ) كَمُلَ (نِصَابُهُمَا) كَأَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ.
(فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) تَجِبُ (فِي الْجَدِيدِ) وَتُقَدَّمُ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَوَجَبَتْ بِالِاجْتِهَادِ وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَتِلْكَ بِالْقِيمَةِ فَقُدِّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَالْمَرْهُونِ إذَا جَنَى، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ الزَّكَاتَانِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ زَكَاةُ عَيْنِ مَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَجَرًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ وَجَبَ مَعَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الثَّمَرِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَقْدًا بِنَقْدٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَقَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْجَدِيدِ (لَوْ) (سَبَقَ حَوْلُ) زَكَاةِ (التِّجَارَةِ) حَوْلَ زَكَاةِ الْعَيْنِ (بِأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَةٍ) وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقِنْيَةَ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً، ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ زَكَاةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إنْ اشْتَرَى كُلًّا فِي عَقْدٍ أَوْ اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَفَصَلَ الثَّمَنَ، وَإِلَّا قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ أَوْ مَا قَابَلَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْآخَرِ بِنِسْبَةِ التَّقْسِيطِ.
قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ جُهِلَتْ النِّسْبَةُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْكَمَ بِاسْتِوَائِهِمَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ، وَجَهِلَ عَيْنَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَنْ يُقْرِضَ الْأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى التَّذَكُّرِ إنْ رُبَّى؟ أَقُولُ: لَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: فَبَدَأَ صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ) وَكَذَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَمَّ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَمَّ نِصَابُ الْعَيْنِ دُونَ الشَّجَرَةِ فَهَلْ تَسْقُطُ زَكَاةُ الشَّجَرِ لِعَدَمِ تَمَامِ نِصَابِهِ أَوْ يَضُمُّ الشَّجَرَ إلَى الثَّمَرِ وَيُقَوِّمُ الْجَمِيعَ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ زَكَاةِ الْعَيْنِ إذَا تَمَّ نِصَابُهَا الْأَوَّلُ لِعَدَمِ تَمَامِ انْتِصَابٍ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) أَيْ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَلَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ زَكَاتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الثَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَيُخْرَجُ مِنْهُ وَمَا وَجَبَ فِي الشَّجَرِ يَتَعَلَّقُ بِقِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ الثَّمَرِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَخَرَجَ بِقَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ إلَخْ مَا لَوْ تَمَّ حَوْلُ التِّجَارَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيُخْرِجُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةَ الْجَمِيعِ لِلتِّجَارَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا بَدَا الصَّلَاحُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَجَبَتْ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الثَّمَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ اجْتِمَاعُ زَكَاتَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زَكَّى الثَّمَرَةَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِدُخُولِهَا فِي التَّقْوِيمِ وَزَكَّى عَيْنَهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَانَ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ) أَيْ مَعْلُومِ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَتَّى يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ الْمَذْكُورُ، وَانْظُرْ مَا الْحَالُ لَوْ كَانَ الْعَرْضُ مَجْهُولَ الْقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute