التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا) وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا وَلِوُجُوبِ الْمُوجِبِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ (ثُمَّ يَفْتَتِحُ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ وَمَا مَضَى مِنْ السَّوْمِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ الشِّرَاءِ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ.
(وَإِذَا قُلْنَا عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ) الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ بِالْقِسْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِلْكُهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ مَالٍ آخَرَ فَذَاكَ ظَاهِرٌ (أَوْ مِنْ) عَيْنِ (مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُجْعَلُ إخْرَاجُهَا كَاسْتِرْدَادِ الْمَالِكِ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَفِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَجِنَايَاتِهِمْ.
وَالثَّانِي تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَالُ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْمَشْرُوطُ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمَا (وَالْمَذْهَبُ) عَلَى قَوْلِ الْمِلْكِ بِالظُّهُورِ (أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ مَتَى شَاءَ بِالْقِسْمَةِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ الْحَالَّ عَلَى مَلِيءٍ، وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاءُ حَوْلِ حِصَّتِهِ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.
وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ صَحَّ إذْ مُتَعَلِّقُ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَ التِّجَارَةِ أَوْ وَهَبَهُ فَكَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ مَالًا، فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَتُكَرَّرُ بِهِ زَكَاتُهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ وَالْجِهَةُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَالَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) الْأَوْلَى فِي تَمَامِ الْحَوْلِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَمَا مَضَى إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَذَاكَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا) أَيْ وَبَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ إخْرَاجُ زَكَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ) أَيْ فَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ) أَيْ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْإِعْتَاقُ فِي كُلِّ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْإِعْتَاقُ فِي قَدْرِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ لَكِنَّهُ يَسْرِي مِمَّا أَعْتَقَهُ هُوَ إلَى بَاقِيهِ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي) أَيْ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا بَطَلَ فِيهِ التَّصَرُّفُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْإِخْرَاجِ، فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ فِي بَاقِيهِ، وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ التَّعَلُّقُ بِمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ.
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا) إثْبَاتُ الْوَاوِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا لِلْعِلَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ هِيَ بِمَعْنَى عِنْدَ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلَعَلَّهَا مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) يُتَأَمَّلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute