للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُوجِبُ الْعَمَلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَعَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَأَيْضًا فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ. وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ أُخْبِرَهُ فِي النَّوْمِ بِأَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ إجْمَاعًا لَا لِشَكٍّ فِي رُؤْيَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ.

وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) يَحْصُلُ (بِعَدْلٍ) وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَكْفِي فِي الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَاحِدٌ كَالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ ذَا الْحَجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ كَفَى كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْأَذَانِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ بِقَوْلِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ الْمُوجِبَ لِلِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ يَجِبُ الْفِطْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِعَدَمِ جَوَازِ اعْتِمَادِهِ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ ضَعِيفٌ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهَا بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ. وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَيُجَوِّزُونَ رُؤْيَتَهُ. فَأَجَابَ بِأَنَّ عَمَلَ الْحَاسِبِ شَامِلٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ) أَيْ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ) زَادَ حَجّ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِالْوُجُوبِ كَكُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ مَا اسْتَقَرَّ فِي شَرْعِهِ، لَكِنَّهُ شَاذٌّ فَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَوَّلِ: أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مُجَوِّزٌ لِلْعَمَلِ بِهِ لِكَوْنِهِ نَفْلًا مُنْدَرِجًا تَحْتَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ جَوَّزَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: بِعَدْلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ وَقَطَعَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ بِعِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ) أَيْ وَالْعِلَّةُ فِي إلَخْ أَوْ وَالسَّبَبُ فِي إلَخْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا.

(قَوْلُهُ: وَغُرُوبِهَا) أَيْ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُفْطِرَ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ (قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْفِطْرَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَحَلِّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَنَادِيلِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِرُمَّتِهِ لِلْإِمْدَادِ، وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا تَقَرَّرَ الْكِفَايَةَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَوَجْهُ عِلْمِهِ مِنْهُ أَنَّهُ نَظِيرُهُ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَيَكْفِي قَوْلٌ وَاحِدٌ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ وَالْإِخْبَارُ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّ هُنَاكَ مِمَّنْ يَرَى مُخَالَفَةَ الرُّويَانِيِّ مَنْ يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِإِخْبَارِ الْوَاحِدِ فِي دُخُولِ شَوَّالٍ، وَيُفَرِّقُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الْإِمْدَادِ الَّذِي مَا هُنَا بَعْضُ مَا فِيهِ بِالْحَرْفِ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إلَخْ هُوَ وَجْهُ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْفَرْقِ فَلَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَا وَهِمَ فِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ لِعَدَمِ تَأَتِّي الِاجْتِهَادِ فِي الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَلَا وُجُودَ لَهَا فِيهِ، بِخِلَافِهَا فِي الْأَوَّلِ، فَعَدَمُ جَوَازِ الْفِطْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>