للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي ذَاكَ لَا هَذَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِرُجُوعِهِ إلَيْهِ، فَفِي الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ: لَا يَجُوزُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ.

وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ هَذَا النَّصِّ نَصًّا آخَرَ صِيغَتُهُ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ فَقَالَ: لَا يُصَامُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ أَوْ شَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ قُبِلَ الْوَاحِدُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَعِنْدِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَبُولُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ إلَى الِاثْنَيْنِ بِالْقِيَاسِ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ فَإِنَّهُ تَمَسَّكَ لِلْوَاحِدِ بِأَثَرِ عَلِيٍّ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ فِيهِ اهـ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَمَحِلُّ ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَوَابِعَهُ كَالتَّرَاوِيحِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقِينَ بِدُخُولِ رَمَضَانَ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَحُلُولِ مُؤَجَّلٍ وَوُقُوعِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ. لَا يُقَالُ: هَلْ لَا ثَبَتَتْ ضِمْنًا كَمَا ثَبَتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَإِنْ كَانَ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ: فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ عَدْلٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ الْعَدْلُ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَوَّالٌ فَيُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ وَيُوَافِقُهُ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِدُخُولِ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مُتَرَتِّبًا عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: فِي ذَاكَ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ، وَقَوْلُهُ لَا هَذَا هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ وَشَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا صُورَةُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ فَإِنَّ صُورَةَ الثُّبُوتِ بِهِ كَمَا قَالَهُ حَجّ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِشَهَادَتِهِ، لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ مَقْصُودٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ادِّعَاءً كَانَ حُكْمًا حَقِيقِيًّا، لَكِنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ ثَبَتَ الصَّوْمُ قَطْعًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ الَّذِي حَرَّرَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَالْإِتْحَافِ خِلَافَهُ، وَعِبَارَةُ الْإِتْحَافِ: وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى الْكَافَّةِ وَلَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ إجْمَاعًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَمِمَّا يَرُدُّهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ أَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ مُرَادُهُمْ بِهِ غَالِبًا فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ صُوَرًا فِيهَا حُكْمٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّعَسُّفِ اهـ الْمَقْصُودُ نَقْلُهُ وَأَطَالَ فِيهِ جِدًّا بِنَفَائِسَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ هُنَا تَبِعَ الزَّرْكَشِيَّ فِيمَا قَالَهُ وَالْوَجْهُ مَا حَرَّرَهُ هُنَاكَ خُصُوصًا وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ دَالٌّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ انْتَقَلَ الرَّائِي إلَى بَلَدٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يُرَ فِيهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ وُقُوعُ طَلَاقِهِ الْمُعَلَّقِ مَثَلًا؟ الْوَجْهُ الِاسْتِمْرَارُ خُصُوصًا، وَالْمُقَرَّرُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ الْمُعَلِّقَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>