للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَلَ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتُ مَعَ جَهْلِهِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ.

وَيُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْأَدَاءِ أَنْ يَقُولَ: عَنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِنْ اتَّحَدَ مُحْتَرِزُهُمَا، إذْ فَرْضُ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ ذِكْرُ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَصُومُهُ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ، فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ وَلِلسَّنَةِ يُفِيدُ الثَّانِي، إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى؟ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَمَضَانُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ التَّعَرُّضِ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّ فَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ جِنْسُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ فَرْضُ رَمَضَانَ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ (وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ) وَتَقَدَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا عَدَا الْفَرْضِيَّةَ، أَمَّا هِيَ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا اشْتِرَاطُهَا، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَتَقَعُ الْمُعَادَةُ نَفْلًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا يَرِدُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَمْتَازَ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتِي بِهِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى.

وَلَا بُدَّ فِي النِّيَّةِ مِنْ الْجَزْمِ فَلَوْ عَلَّقَهَا بِالْمَشِيئَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ أَمْ مُتَطَوِّعٌ أَمْ لَا فَلَا يَجْزِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ صَامَ شَاكًّا وَلَمْ يَعْتَمِدْ سَبَبًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنَّ الدَّالَّةَ عَلَى التَّرَدُّدِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَالْجَزْمُ فِيهِ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَمْ يَنْشَأْ عَمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْجَزْمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَمِيسَ مَثَلًا عَنْ رَمَضَانَ، أَوْ رَمَضَانَ بِدُونِ ذِكْرِ يَوْمٍ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَحْضُرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتُ الصَّوْمِ) وَمِنْهَا كَوْنُ الشَّهْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَا غَيْرُهُ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) أَيْ لَا الْمُؤَدَّى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا) أَيْ وَلَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَخْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُعَادَةِ نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِ الصُّورِيِّ لِلْمُحَاكَاةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّبَرُّكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجْزِيهِ) كَانَ الْأَوْلَى فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَهُوَ صَوْمُ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمَّا صَوَّرُوا التَّعْيِينَ الْوَاجِبَ بِمَا ذُكِرَ تَعَقَّبَهُ الشَّيْخَانِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِ السَّنَةِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ) الْأَصْوَبُ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي أَخَذَهَا الشَّارِحُ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ) فِي الْقِيَاسِ وَقْفَةٌ تُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِ الْقَفَّالِ

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ) أَيْ كَإِنْ أَتَى بِإِذَا أَوْ مَتَى أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْجَزْمُ فِيهِ) أَيْ فِي الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>