للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةً (إلَّا إذَا اعْتَقَدَ) أَيْ ظَنَّ (كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ) أَوْ فَاسِقٍ (أَوْ صِبْيَانٍ رُشَدَاءَ) أَيْ مُخْتَبَرِينَ بِالصِّدْقِ إذْ غَلَبَةُ الظَّنِّ هُنَا كَالْيَقِينِ، كَمَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَجَمْعُ الصِّبْيَانِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُرَاهِقٍ وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ نَوَاهُ بِظَنٍّ وَصَادَفَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ. نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ الْمَارِّ صَوْمُ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَبَانَ مِنْهُ صَحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالْقَلْبِ وَالتَّرَدُّدُ حَاصِلٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَقَصْدُهُ لِلصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَصَارَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ طَوَائِفَ وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ، وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ يَوْمِ الشَّكِّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَصُومُ غَدًا نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَمَارَةٌ فَبَانَ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّ صَوْمُهُ نَفْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ) عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَلِأَنَّ تَعْلِيقَ النِّيَّةِ مُضِرٌّ مَا لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ، أَوْ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلٍ وَلَهُ الِاعْتِمَادُ فِي نِيَّتِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَادِ، وَتَبِعَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ جَعْلِ حُكْمِهِ مُفِيدًا لِلْجَزْمِ.

(وَلَوْ) (اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى مَحْبُوسٍ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (صَامَ) وُجُوبًا شَهْرًا (بِالِاجْتِهَادِ) كَمَا فِي اجْتِهَادِهِ لِلصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ بِأَمَارَةٍ كَخَرِيفٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَلَوْ صَامَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ) أَيْ بِأَنْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ لَكِنَّهُ سَبَقَ هُنَاكَ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّرَدُّدِ مَعَ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِخَبَرِ ثِقَةٍ وَهُنَا لِبَيَانِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَتَى بِهِ بَدَلَ إنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ مِمَّا فِيهِ جَزْمٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلَفْظِ نَعَمْ هُنَا لِاتِّحَادِ الْمُسْتَدْرِكِ مَعَ الْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ لَفْظَ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ عَنْ فَإِنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْحَاكِي. وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ عَنْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي خَادِمِ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَامِ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَنَقَلَهُ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ الْكَتَبَةَ حَرَّفَتْهُ فَزَادَتْ مِيمًا وَالْفَاءَ قَبْلَ الْمِيمِ مِنْ الْأُمِّ حَسَبَ مَا رَأَيْته فِي نُسَخٍ مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ هِيَ النُّسْخَةُ الْمُحَرَّفَةُ فَعَبَّرَ عَنْ لَفْظِ الْإِمَامِ بِالضَّمِيرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِمْدَادِ. وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ قَوْلُهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ: وَلَوْ قَالَ فِي نِيَّتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَصُومُ عَنْ رَمَضَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ النَّصِّ أَنْ لَا يَعْتَدَّ بِصَوْمِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: أَعْنِي صَاحِبَ الْخَادِمِ فِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا مَا ادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ مُشْكِلٌ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ إشْكَالِهِ ثُمَّ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَلَامُ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَى الْإِمَامِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ النَّصُّ وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ: فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ، فَإِنْ تَحَقَّقَهُ وَلَا بُدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ مَضَى فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا بُدَّ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>