فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ (وَخَرِيطَةٌ وَصُنْدُوقٌ فِيهِمَا مُصْحَفٌ) وَقَدْ أُعِدَّا لَهُ: أَيْ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِشَبَهِهِمَا بِجِلْدِهِ وَعَلَاقَتِهِ لِكَوْنِهِمَا مُتَّخَذَيْنِ لَهُ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ انْفِصَالُهُمَا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُمَا وَإِنْ جَوَّزْنَا تَحْلِيَةَ الْمُصْحَفِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالصُّنْدُوقُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَوْ انْتَفَى إعْدَادُهُمَا لَهُ مَحَلَّ حَمْلِهِمَا وَمَسِّهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا أَعَدَّ لَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى حَجْمِهِ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ لَهُ عَادَةً وَهُوَ قَرِيبٌ (وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ كَلَوْحٍ فِي الْأَصَحِّ) لِشَبَهِهِ بِالْمُصْحَفِ بِخِلَافِ مَا كُتِبَ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالتَّمَائِمِ الْمَعْهُودَةِ عُرْفًا، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي) هِيَ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَتَاعِ ظَرْفًا لَهُ (أَمْتِعَةٍ) تَبَعًا لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ لَكِنْ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَهُ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَخَرِيطَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَضَعَهُ فِي زَكِيبَةٍ أَعَدَّهَا لَهُ فَيَحْرُمُ وَإِنْ كَبُرَتْ (قَوْلُهُ: وَصُنْدُوقٌ) مِنْ الصُّنْدُوقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَيْتِ الرَّبَعَةِ الْمَعْرُوفِ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الرَّبَعَةِ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ، وَأَمَّا الْخَشَبُ الْحَامِلُ لِبَيْتِهَا فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَكَذَا لَا يَحْرُمُ مَسُّ مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ كُرْسِيًّا مِمَّا يُجْعَلُ فِي رَأْسِهِ صُنْدُوقُ الْمُصْحَفِ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ لَوْ وُضِعَ الْمُصْحَفُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جَرِيدٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ الْكُرْسِيِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا طب وَشَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ وَكَذَا م ر؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ اهـ. وَأَطْلَقَ الزِّيَادِيُّ الْحُرْمَةَ فِي الْكُرْسِيِّ فَشَمِلَ الْخَشَبَ وَالْجَرِيدَ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُحَاذِي لِلْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَلَى خِزَانَتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى كَمَا فِي خَزَائِنِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وُضِعَ الْمُصْحَفُ فِي السُّفْلَى، فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ النِّعَالِ وَنَحْوِهَا فِي الْعُلْيَا؟ فَأَجَابَ م ر بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ إخْلَالًا بِحُرْمَةِ الْمُصْحَفِ. قَالَ: بَلْ يَجُوزُ فِي الْخِزَانَةِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي رَفِّهَا الْأَسْفَلِ، وَنَحْوُ النِّعَالِ فِي رَفٍّ آخَرُ فَوْقَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ مَا لَوْ وُضِعَ النَّعْلُ فِي الْخِزَانَةِ وَفَوْقَهُ حَائِلٌ كَفَرْوَةٍ ثُمَّ وَضَعَ الْمُصْحَفَ فَوْقَ الْحَائِلِ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَاسَةٍ. أَمَّا لَوْ وَضَعَ الْمُصْحَفَ عَلَى خَشَبِ الْخِزَانَةِ ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ حَائِلًا ثُمَّ وَضَعَ النَّعْلَ فَوْقَهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، وَلَا يَبْعُدُ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ إهَانَةً لِلْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْ مِثْلَهُمَا لَهُ عَادَةً كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ الِانْفِصَالُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَوَّزْنَا تَحْلِيَةَ الْمُصْحَفِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِالْفِضَّةِ مُطْلَقًا أَوْ الذَّهَبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَمِثْلُ التَّحْلِيَةِ التَّمْوِيهُ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ: حَلَّ حَمْلُهُمَا) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: شَرْطُ الظَّرْفِ أَنْ يُعَدَّ ظَرْفًا لَهُ عَادَةً فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْخَزَائِنِ وَفِيهَا الْمَصَاحِفُ وَإِنْ اُتُّخِذَتْ لِوَضْعِ الْمَصَاحِفِ فِيهَا م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَا كُتِبَ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْخَتْمُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كَلَوْحٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَيْهِ عَادَةً حَتَّى لَوْ كَتَبَ عَلَى عَمُودٍ قُرْآنًا لِلدِّرَاسَةِ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ غَيْرِ الْكِتَابَةِ اهـ خَطِيبٌ اهـ زِيَادِيٌّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَقَشَ الْقُرْآنَ عَلَى خَشَبَةٍ وَخَتَمَ بِهَا الْأَوْرَاقَ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَصَارَ يَقْرَأُ الْحُرْمَةَ وَلَيْسَ مِنْ الْكِتَابَةِ مَا يُقَصُّ بِالْمِقَصِّ عَلَى صُورَةِ حَرْفِ الْقُرْآنِ مِنْ وَرِقٍ أَوْ قُمَاشٍ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ لَوْحًا لِلْقُرْآنِ عُرْفًا، فَلَوْ كَبُرَ جِدًّا كَبَابٍ عَظِيمٍ فَالْوَجْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ مَسِّ الْخَالِي مِنْهُ عَنْ الْقُرْآنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ حَمْلَهُ كَحَمْلِ الْمُصْحَفِ فِي أَمْتِعَةٍ (قَوْلُهُ: كَالتَّمَائِمِ الْمَعْهُودَةِ عُرْفًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كُلَّهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الْكُلِّ تَمِيمَةً حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَعَلَاقَتُهُ) لَمْ يَظْهَرْ مَوْقِعُ هَذَا هُنَا، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطَ كَلِمَةٍ تُعْرَفُ مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَسَّ جِلْدَهُ وَصُنْدُوقٌ هُوَ فِيهِ لِشَبَهِهِ بِجِلْدِهِ وَعَلَاقَتُهُ كَظَرْفِهِ انْتَهَتْ فَلَعَلَّ لَفْظَ كَظَرْفِهِ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِمَا إلَخْ وَجْهُ الشَّبَهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودَةُ عُرْفًا) قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَا يُعْهَدُ كَوْنُهُ تَمِيمَةً فِي الْعُرْفِ كَمُعْظَمِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: هِيَ بِمَعْنَى مَعَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ حَصَلَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute