للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَمْرٍ، وَإِلَّا)

بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَمَاءٌ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسْوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْخَبَرِ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ مِنْ رُطَبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي الثَّانِي نَصُّ حَرْمَلَةَ وَتَصْرِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِهِ فِي الْمَاءِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِتَمْرٍ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَتَعْبِيرُ جَمْعٍ بِتَمْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ السُّحُورِ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَصَحَّ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً» وَفِيهِ ضَبْطٌ لِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ سُنَّةُ التَّأْخِيرِ وَيُسَنُّ السَّحُورُ أَيْضًا لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ حِينَئِذٍ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا بِهِ مَنْفَعَةً أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: إذَا كَانَ شَبْعَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ اهـ.

وَمُرَادُهُ إكْثَارُ الْأَكْلِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) بِأَنْ يَتَرَدَّدَ فِي بَقَاءِ اللَّيْلِ وَحِينَئِذٍ فَتَرْكُهُ أَوْلَى لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك»

(وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ مُشَاتَمَةٍ وَسَائِرَ جَوَارِحِهِ عَنْ الْجَرَائِمِ فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَلُوفِ بِهَا تُعَدُّ عَيْنًا حَيْثُ لَا غَرَضَ (قَوْلُهُ عَلَى تَمْرٍ) وَلْيُنْظَرْ هَلْ يُقَدَّمُ اللَّبَنُ عَلَى الْعَسَلِ.

أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْعَسَلُ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْحُلْوِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا وَرَدَ، وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجِ عَمِيرَةَ: قِيلَ الْحِكْمَةُ كَوْنُهُ مَدْخُولَ النَّارِ وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِالْحَلَاوَةِ وَقِيلَ لِنَفْعِ الْبَصَرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَاءٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ اهـ.

أَقُولُ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُحْتَمَلٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْحُصُولِ، وَيُوَجَّهُ أَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ بِإِزَالَةِ حَرَارَةِ الصَّوْمِ بِمَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَنَاوُلَ التُّرَابِ وَالْمَدَرِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْبَغِي حُصُولُ السُّنِّيَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّمْرِ) أَيْ وَعَلَى الْعَجْوَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: يُقَدِّمُ مَنْ بِمَكَّةَ مَاءَ زَمْزَمَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ مَا يَأْكُلُهُ مَثَلًا

(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ) أَيْ ثَوَابُهُ.

[فَرْعٌ] لَوْ تَابَ هَلْ يَسْلَمُ الصَّوْمُ مِنْ النَّقْصِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَايَتُهَا دَفْعَ الْإِثْمِ خَادِم

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَعْتَمِدُ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّمْرِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا مَنْفَعَةً) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا) هُوَ كَذَا بِأَوْ فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْقُوتِ عَنْ تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ وَلَمْ يَخْشَ بِالْوَاوِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَّا إذَا رَجَا مَنْفَعَةً

(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا) هُوَ بِالْفَاءِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الشَّيْخَ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى ضَبْطِ يُبْطِلُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَيَكُونُ فَاعِلُهُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الصَّائِمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يُلَائِمُهُ، لَكِنْ هُوَ فِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>