للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ لِأَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ ثَمَّ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ) وَوَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ دُونَهُمَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَارِّ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: صُومِي عَنْ أُمِّك» .

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ اهـ.

وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ خَبَرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ، فَجَاءَتْ قَرَابَةٌ لَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: صُومِي عَنْهَا» فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ بِالْإِذْنِ ثَلَاثُونَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا اهـ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ تَفَقُّهًا، وَيَشْهَدُ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ: أَيْ فِيمَا إذَا وَجَبَ صِيَامٌ بَدَلًا عَنْ أَمْدَادٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ إذَا صَامَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ أَجْزَأَهُ.

وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْبَارِزِيُّ أَيْضًا بِمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَاحِدٌ وَآخَرُ لِنَذْرٍ وَآخَرُ لِقَضَاءٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اسْتِوَاءُ مَأْذُونِ الْمَيِّتِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَذِنَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ السَّابِقِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ قَرِيبٍ وَإِنْ بَعُدَ وَلَمْ يَكُنْ وَارِثًا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ بَعُدَ وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبَا إلَخْ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ فِيهِ بِالْوَلِيِّ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ الْوَلِيِّ هُنَا بِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَالِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ لِلْمَيِّتِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْوَلِيِّ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ لِلْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، لَكِنْ يَمْنَعُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ جَائِزًا أَوْ غَيْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ بِإِذْنِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِلَّا كَانَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَخُصُّهُ تَبَرُّعًا مِنْهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِشَيْءٍ مِنْهُ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ) أَيْ يُبْطِلُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ مَنْ يَصُومُ عَنْ الْمَيِّتِ وَارِثًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي يَوْمٍ عَنْ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: صِفَةٍ زَائِدَةٍ) هِيَ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِيبِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ عَنْ الْمَيِّتِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا وَقَعَ الْأَوَّلُ عَنْهُ وَالثَّانِي نَفْلًا لِلصَّائِمِ، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ وَقَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْمَيِّتِ لَا بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْوَارِثِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إذَا صَامَ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِأَصْلِ مَسْأَلَةِ الصِّيَامِ عَلَى الْقَدِيمِ وَأَخَّرَهُ إلَى هُنَا حَتَّى تَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ (قَوْلُهُ: فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمُهُ) أَيْ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَوْنِهَا إرْثَهُ أَوْ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُهَا لَا عَنْ سَبَبِ إرْثِهَا مِنْ كَوْنِهَا بِالْبِنْتِيَّةِ أَوْ الْأُخْتِيَّةِ مَثَلًا فَلَا يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ جِهَةَ قَرَابَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ صِفَةٍ زَائِدَةٍ) فِي التَّعْبِيرِ بِالِالْتِزَامِ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ) مُجَرَّدُ دَعْوَى لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهَا دَلِيلًا، وَلَعَلَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الْكَتَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>