للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إطْعَامٌ وَلَا صَوْمٌ بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِمَنْ عَدَّ الْوَرَثَةَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ إذَا يُخَلِّفُ تَرِكَةً أَوْ خَلَّفَهَا وَتَعَدَّى الْوَارِثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنًى وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَالٍ كَالدَّيْنِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ؟ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي.

وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ الْأَهْلُ مِنْ الْإِذْنِ أَوْ الصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ أَذِنَ الْحَاكِمُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَهَ عَدَمَهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَا أَصُومُ وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نُطْعِمُ وَبَعْضُهُمْ نَصُومُ أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ لِأَنَّ إجْزَاءَ الطَّعَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

وَيُؤَيِّدُ إجَابَةَ مَنْ طَلَبَ التَّكْفِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ تَكْمِيلًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ وَلَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ الْأَمْدَادُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ وَالصَّوْمُ عَنْهُ وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ

(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا فِدْيَةَ لَهُ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ.

نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى وَارِثِ مَنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَقَطَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ بِصَوْمِهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الصَّوْمَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ مَغْصُوبًا (قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: أَذِنَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَيِّتِ وَالْحَاكِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهُ مَنْ يَصُومُ أَوْ يُطْعِمُ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا) لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ إلَخْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ مَرَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَبَهُ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) أَيْ عَلَى الْوَارِدِ (قَوْلُهُ: وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ) أَيْ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُسَنُّ أَنَّهُ: أَيْ الصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضٌ) أَيْ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى صَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ يُخْرِجُوا مُدَّ طَعَامٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إجْبَارُهُمْ عَلَى الْفِدْيَةِ أَوْ أَخْذُ مُدٍّ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِخْرَاجُهُ

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهَا) أَيْ وَهَلْ تُسَنُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ حَجّ الْآتِي قَرِيبًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الشَّارِحُ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ) أَيْ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا) وَلَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الصَّوْمِ الَّذِي صَامَهُ مَنْ خَصَّهُ الصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ كَوْنُهُ نَوَاهُ عَنْ خُصُوصِ حِصَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>