صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا.
قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ، وَمِثْلُهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَيَجُوزُ تَبَعًا لِلْحَجِّ (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَعْتَكِفُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كُفَّ وَمُنِعَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
(وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (عَلَى مَنْ) (أَفْطَرَ) مِنْ رَمَضَانَ (لِكِبَرٍ) كَأَنْ صَارَ شَيْخًا هَرَمًا لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْأَزْمَانِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ إيقَاعُهُ فِيمَا يُطِيقُهُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ سَوَاءٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ وَلَمْ يَتَكَلَّفْهُ، قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ حَالَ الْكِبَرِ، أَوْ يُطِيقُونَهُ: أَيْ يُكَلَّفُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ إذَا قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ وَعَدَمُ مُخَاطَبَتِهِ بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً لَا بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ مَا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ عَنْ مَغْضُوبٍ قَدَرَ بَعْدُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ، وَلَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ فِعْلَهَا حَيْثُ أَجْزَأَتْهُ عَنْ وَاجِبِهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ مَنْ ذُكِرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْفِدْيَةِ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا رُدَّ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَخَّرَ نَحْوُ الْهَرَمِ الْفِدْيَةَ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا) أَيْ جَازَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَقِيَ الِاعْتِكَافُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلُهُ) قَالَ حَجّ: وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا أَنَّهَا تُفْعَلُ عَنْهُ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَا. حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ لِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ، بَلْ نَقَلَ ابْنُ بُرْهَانَ عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ: أَيْ إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ كَالصَّوْمِ، وَوَجَّهَ عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا، وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ. وَفَعَلَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَنْ بَعْضِ أَقَارِبِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ جَمْعِ شَافِعِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَنْعِ الْمُرَادُ بِهِ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ، وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ: أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ تُفْعَلُ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ) تَعْبِيرُهُ بِالْكِبَرِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَعَجَزَ مَعَهُ عَنْ الصَّوْمِ وَلَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْكِبَرِ وَأَفْطَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُدُّ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أُخْرِجَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يَقْتَضِيه قَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ عَنْ حَيٍّ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْمَشَقَّةِ هُنَا الْمُبِيحَةِ لِلْفِدْيَةِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهَا الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ) أَيْ فَلَا مَقْدِرَةَ، فَإِنْ قُلْت: أَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ؟ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَ النُّزُولِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ فُهِمَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْفِدْيَةُ بَاقِيَةً فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْهُ حَالَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) وَيَقَعُ الْحَجُّ الْأَوَّلُ لِلنَّائِبِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ إنَّ كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute