الْمَقْصُودُ دُونَ الْقُرْآنِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَيَا حَرُمَ، وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ يُكْرَهُ، وَفَارَقَ حَالَ الِاسْتِوَاءِ هُنَا حَالَتَهُ فِي الثَّوْبِ الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلتَّعْظِيمِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ عُرْفًا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ لَا الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَثْرَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَسِّ بِحَالِ مَوْضِعِهِ وَفِي الْحَمْلِ بِالْجَمِيعِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(وَدَنَانِيرَ) أَوْ دَرَاهِمَ كُتِبَ عَلَيْهَا قُرْآنٌ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَكُتُبِ الْفِقْهِ وَالثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِآيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحِيطَانِ الْمَنْقُوشَةِ وَالطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِيهَا قِرَاءَةٌ فَلَا تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْقُرْآنِ وَلِهَذَا يَجُوزُ هَدْمُ جِدَارٍ وَأَكْلُ طَعَامٍ نُقِشَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّعْظِيمِ وَيَجُوزُ مَحْوُ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَشُرْبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ قِرْطَاسًا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا أَكْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ إلَّا وَقَدْ زَالَتْ صُورَةُ الْكِتَابَةِ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ نَحْوِ ذَهَبٍ فِي كَاغَدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَيُكْرَهُ حَرْقُ خَشَبَةٍ نُقِشَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِحَرْقِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا أَثَرَ لَهُ فِي جَوَازِ الْمَسِّ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي الْأَكْثَرِ مِنْهَا حَرُمَ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَغِيرَةِ الزِّينَةِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ) وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْمَلْفُوظِ مِنْهَا أَوْ الْمَرْسُومِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقُرْآنِ رَسْمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِخَطِّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ وَاِتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مُصْطَلَحِ عِلْمِ الرَّسْمِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ لَهُ رَسْمٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُهُ بِهِ، وَفِي التَّفْسِيرِ رَسْمُهُ عَلَى قَوَاعِدِ عِلْمِ الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ أَهْلِهِ اهـ حَجّ. وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَهُ أَنَّ الْكَثْرَةَ مِنْ حَيْثُ الْحُرُوفُ لَفْظًا لَا رَسْمًا
(قَوْلُهُ: وَالثَّوْبُ الْمُطَرَّزُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَتَبَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ لِلدِّرَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَكْلُ طَعَامٍ) أَيْ وَلِبْسُ ثَوْبٍ طُرِّزَ بِذَلِكَ قَالَ حَجّ وَيَحْرُمُ وَطْءُ شَيْءٍ نُقِشَ بِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَرَاهِيَةِ لِبْسِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَشُرْبُهُ) تَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِي جَوَازِ صَبِّهِ عَلَى نَجَاسَةٍ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَلَوْ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مُحِيَتْ حُرُوفُهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ فِي صَبِّهَا عَلَى النَّجَاسَةِ إهَانَةٌ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الْفَتَاوَى: الْأَوْلَى صَبُّ غَسْلِهِ وَصَبُّ مَاءِ غُسَالَتِهِ فِي مَحَلٍّ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ كَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ حَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ) قَدْ يَشْكُلُ بِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِهِ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالظَّاهِرِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ أَحَدُهَا خُرُوجٌ إلَخْ نَصُّهَا: وَلَا يَضُرُّ إدْخَالُهُ: أَيْ نَحْوِ الْعُودِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ لِحَمْلِهِ مُتَّصِلًا بِنَجَسٍ، إذْ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الظَّاهِرِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجِ الْإِشْكَالِ وَجَوَابُهُ وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ يَحْرُمُ ابْتِلَاعُ وَرَقَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ لِمُلَاقَاتِهَا لِلنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ مَحْوِ مَا عَلَيْهَا بِالْمَاءِ وَشُرْبِهِ فَيَجُوزُ هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر. لَا يُقَالُ تَعْلِيلُهُ الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي الْبَاطِنِ لَا تُنَجِّسُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فِيهِ امْتِهَانٌ وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْقُرْآنَ عَلَى نَجَسٍ جَافٍ يَحْرُمُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ تَدَبَّرْ اهـ.
فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَعْنَاهُ يُلَاقِي النَّجَسَ (قَوْلُهُ: فِي كَاغَدٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: كُتِبَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ كُلِّ مُعَظَّمٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بَابِ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ يَحْرُمُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ فِي تَفْسِيرِ إلَخْ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ) صَرِيحٌ فِي نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ مَعَ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ مَا دَامَ فِي الْبَاطِنِ، نَعَمْ فِيهِ امْتِهَانٌ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: حَرَقَ خَشَبَةً)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute