للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْرَازَهَا لَمْ يُكْرَهْ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَةِ الْإِحْرَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِهِ عَبَثًا وَلَوْ جَعَلَ نَحْوَ كَرَاسٍ فِي وِقَايَةٍ مِنْ وَرِقٍ كُتِبَ عَلَيْهَا نَحْوُ الْبَسْمَلَةِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ، وَلَوْ أَخَذَ فَأْلًا مِنْ الْمُصْحَفِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ

(لَا) (قَلْبَ وَرَقَةٍ بِعُودٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَمْلِ لِانْتِقَالِ الْوَرَقِ بِفِعْلِ الْقَالِبِ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ (وَأَنَّ) (الصَّبِيَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ) مِنْ الْمَسِّ وَلَا مِنْ الْحَمْلِ، لَا فِي الْمُصْحَفِ وَلَا فِي اللَّوْحِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الدِّرَاسَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاسْتِنْجَاءِ، وَمِنْ الْمُعَظَّمِ مَا يَقَعُ فِي الْمُكَاتَبَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ وَاسْمُ رَسُولِهِ مَثَلًا فَيَحْرُمُ إهَانَتُهُ بِوَضْعِ نَحْوِ دَرَاهِمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ بَلْ قَدْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِصَوْنِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي جِلْدِ الْمُصْحَفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَرَّاسٍ) الْوَاحِدَةُ كُرَّاسَةٌ بِفَتْحِ الْكَافِ. وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ الْكُرَّاسَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالْهَاءِ آخِرُهُ وَاحِدَةُ الْكُرَّاسِ وَالْكَرَارِيسِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْبَسْمَلَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهَا مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّبَرُّكُ عَادَةً، أَمَّا أَوْرَاقُ الْمُصْحَفِ فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ جَعْلِهَا وِقَايَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: يَجُوزُ وَضْعُ كُرَّاسٍ الْعِلْمِ فِي وَرَقَةٍ كُتِبَ فِيهَا الْقُرْآنُ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ الْقُرْآنُ أَوْرَاقَ الْمُصْحَفِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ تَمْكِينِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ الْحَدَثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمَنَ الدَّرْسِ يَطُولُ غَالِبًا، وَفِي تَكْلِيفِ الصِّبْيَانِ إدَامَةَ الطَّهَارَةِ مَشَقَّةٌ تُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْحَفْزِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، نَعَمْ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا قَرَأَ لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلدِّرَاسَةِ بِأَنْ كَانَ حَافِظًا، أَوْ كَانَ يَتَعَاطَى مِقْدَارًا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ فِي الْعَادَةِ. وَفِي الرَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، كَذَا فِي خَطِّ ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ شَارِحِ الْمِنْهَاجِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ وَمَسِّهِ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ نَظَرًا وَإِنْ كَانَ حَافِظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ إذَا أَفَادَتْهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ نَظَرًا فَائِدَةَ مَا فِي مَقْصُودِهِ كَالِاسْتِظْهَارِ عَلَى حِفْظِهِ وَتَقْوِيَتِهِ حَتَّى بَعْدَ فَرَاغٍ مَدِّ حِفْظِهِ إذَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَرْسِيخِ حِفْظِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَنَافِيَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا فِي الرَّافِعِيِّ عَلَى إرَادَةِ التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ، وَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِقِرَاءَتِهِ فِيهِ غَرَضٌ يَعُودُ إلَى الْحِفْظِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَالِاسْتِظْهَارِ اهـ.

(فَائِدَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ فِي خُرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ وَرُكِّبَ عَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِ كَأَنْ وَضَعَهُ تَحْتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرْذَعَةِ، أَوْ كَانَ مُلَاقِيًا لِأَعْلَى الْخُرْجِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَ الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْخُرْجِ وَعُدَّ ذَلِكَ إزْرَاءً لَهُ كَكَوْنِ الْفَخِذِ صَارَ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى مَأْكُولٍ وَكَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِشَيْءٍ يَضَعُهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا الْمُصْحَفُ فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ حِفْظَ الرُّوحِ مُقَدَّمٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مُصْحَفٌ وَحَيَوَانٌ عَلَى الْغَرَقِ وَاحْتِيجَ إلَى إلْقَاءِ أَحَدِهِمَا لِتَخْلِيصِ السَّفِينَةِ أُلْقِيَ الْمُصْحَفُ حِفْظًا لِلرُّوحِ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ.

لَا يُقَالُ: وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ امْتِهَانٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كَوْنُهُ إنَّمَا فِعْلُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ مَانِعٌ عَنْ كَوْنِهِ امْتِهَانًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ السُّجُودُ لِلصَّنَمِ وَالتَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى الرُّوحِ؟ بَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ حَاجَةَ الطَّبْخِ مَثَلًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَبَثًا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ، أَمَّا إذَا قَصَدَ الِامْتِهَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفُرُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ لِحَرْقِهَا أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ مَعْلُومَةً مِنْ كَلَامِهِ وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ امْتِهَانَهُ، أَوْ أَنَّهُ يُصِيبُهَا الْوَسَخُ لَا الْكُرَّاسُ وَإِلَّا حَرُمَ، قَالَ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>