للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذُكِرَ مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَهُ) (صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْهَا (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) بِخِلَافِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ إعْطَاؤُهُ مِنْ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ، أَمَّا إعْطَاءُ دُونَ الْمُدِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مُدٍّ كَامِلٍ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِهِ فِي كَفَّارَةِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ، وَأَيْضًا فَالْمَغْرُومُ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (جِنْسُ الْفِطْرَةِ) الَّتِي مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَمَرَّ فِيهَا أَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي نَحْوِ الْهَرَمِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) التَّعْبِيرُ بِهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صَرْفَهُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ سَدَّ جَوْعَةِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَدِّ جَوْعَةِ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِنْ دَعَوْت صُوفِيًّا إلَخْ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: لَوْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ هَلْ أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؟ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا فَقَدْ يَكُونُ فِي الْجَمْعِ وَلِيٌّ وَقَدْ حَثَّ اللَّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ لِلصَّالِحِينَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمْعِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْنَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَجَلْبِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَصَالِحِ، إنَّ دَفْعَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ نَوْعٌ مُخَالِفٌ لِدَفْعِ الرِّقِّ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْغُرْمِ عَنْ الْغَارِمِ وَالْغُرْبَةِ وَالِانْقِطَاعِ عَنْ ابْنِ السَّبِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْهَا إلَى شَخْصٍ) أَيْ وَلَهُ نَقْلُهَا أَيْضًا لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّقْلِ خَاصَّةٌ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ) أَيْ فِي الدُّونِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَجِنْسُهَا) قَالَ الْقَفَّالُ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ. اهـ حَجّ أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ وَأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ وَبَعُدَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ، فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ إلَى زِيَادَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: يُعْتَبَرُ الْوُجُوبُ الْإِخْرَاجُ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا.

نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَبْلَ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْحَالِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَفْرُوضَةٌ فِي الْحَيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، فَرَمَاهُمَا الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ بِالتَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ، فَالزَّرْكَشِيُّ صَوَّبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَوَّلًا مِنْ اللُّزُومِ حَالًا: أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالْحَلِفِ، وَأَمَّا ابْنُ الْعِمَادِ فَاعْتَمَدَ كُلًّا مِنْ الْقَضِيَّتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ سَوْقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَإِثْبَاتِ التَّنَاقُضِ بَيْنَهُمَا وَنِسْبَتِهِ لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّهُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ بِأَنْ لَا مُخَالَفَة فَإِنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ بِقَدْرِ حُضُورِهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ: أَيْ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَالِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ خِلَافُهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ صُورَتَيْ الصَّوْمِ وَصُورَةِ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْيَمِينِ، وَبِأَنَّهُ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَتْ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ مِنْ فَرْقَيْ الزَّرْكَشِيّ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْإِمْدَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>